• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
إطلاق الآداب هل نستطيع تسميتها سنة كإغلاق الأبواب مثلا؟
الجواب:

بالنسبة لأفعال النبي عليه الصلاة والسلام أفعال النبي على ثلاثة أنواع؛ النوع الأول: هي أفعال العبادة وهذا هو الأصل أن ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام فالأصل فيه التعبد والله عز وجل أمرنا بذلك ولهذا يقول الله جل وعلا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ بل قال الله عز وجل ذلك فيما سبق من الأنبياء أن الاقتداء بأفعاله أن ذلك من السنة في قوله جل وعلا: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ وكذلك أيضا بالتأسي بفعل النبي عليه الصلاة والسلام واقتفاء أثره في أفعاله، قد دلت الأدلة واستفاضت السنة وتواترت في هذا الأمر وهي داخلة في النوع الأول أن الأصل في الأفعال العبودية لله جل وعلا.
النوع الثاني: هي أفعال العادة وأفعال العادة في ذلك أنها تقترن بفعل يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من غير إضافة بحث أو حض بقول من الأقوال، فهذا إذا اقترن فعل النبي بفعل غيره ممن يشركه في الحياة وذلك من المشركين والكفار حينئذ نقول إن الفعل المجرد في مثل هذا يكون حينئذ من فعل العادات لا من فعل العبادات، ومعنى ذلك كالألبسة من الإزار والرداء أو الألوان إذا لم يدل دليل على النهي عن لون معين أو الحض على اللون المعين كالناهي مثلا عن لبس الشهرة أو الحض على لبس اللون الأبيض كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في المرسل والسنن قال: "البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم" فهذا حض على لون معين، فأما لو لم يكن ثمة حض لأصبح من المباحات، كذلك أيضا بالنسبة للبس العمامة وكذلك أيضا بالنسبة لبعض الألبسة كحذاء الصندل ونحو ذلك نقول هذا من اللبس الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام فعله، وكان النبي يلبس عمامة وإزارا ورداء كما يلبس الكفار بل كما يلبس أعداء النبي عليه الصلاة والسلام الذين ناصبوه العداء وأظهروا في ذلك الكبر، هل نقول أن لبس الإزار والرداء والعمامة من السنة؟ نقول لم يدل دليل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حض عليها بعينها وركب على ذلك أجرا، وإنما فعله النبي كما فعل غيره، وأما إذا دل دليل خاص من النبي عليه الصلاة والسلام على فعل من هذه الأفعال ولو اشترك معه وغيره بدليل خاص خارج عن الفعل فحينئذ يلحق في ذلك هذا الأمر فيه، وذلك مثل إعفاء اللحى النبي كان يعفي لحيته كما يعفي مثلا كفار قريش فهل نقول حينئذ إن ذلك الإعفاء من فعلهم فيصبح من العادة؟ نقول لا لأن الدليل القولي قد جاء وخصه بخصيصة كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة أنه قال: "أعفوا اللحى وأوفوا اللحى" وجاء من حديث ابن عمر عليه رضوان الله تعالى وغير ذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا بالنسبة لرفع الإزار عن الكعبين وهذا من اللبس أيضا الذي تشترك فيه العادة بين المسلمين وبين المشركين وفعله النبي عليه الصلاة والسلام هل نقول إنه من فعل العادة أو العبادة نقول لو فعله النبي مجردا من غير تمييز بقول لأصبح عادة ولكنه عبادة وحكمه في ذلك الوجوب وذلك أن النبي قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" وجاء أيضا في حديث ابن عمر أنه قال فثم يعني عند نصف ساق فعل النبي عليه الصلاة والسلام وكذلك أيضا في إرشاده لابن عمر وكذلك في حديث حذيفة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين ولا بأس فيما بينه وبين ذلك" وهذا إشارة إلى أن هذا الفعل هو سنة وأنه أخرجه من دائرة العادة، مع أن تشمير الإزار ورفعه هو عادة العرب عموما ولهذا يقول الشاعر الجاهلي: كميش الإزار ظاهر نصف ساقه***** صبور على الضراء طلاع أنجلي، وهذا إشارة أيضا إلى أنهم كانوا يفعلون هذا، ويقول الشاعر الجاهلي: وكنت إذا داع دعا لملمة ***شمرت حتى ينصف الساق مئزري، إشارة إلى همة الرجل في مثل هذا الأمر فنقول إنه عادة نقول لو اقتصر على الفعل المجرد لأصبح عادة ولكنه دل الدليل على وجوبه بالقول.
وأما النوع الثالث من أفعال النبي عليه الصلاة والسلام: وهي أفعال الجبلة وأفعال الجبلة في هذا الأفعال التي يفطر عليها الإنسان ولا يتحكم بها وذلك كنوع المشية، المشية يفطر عليها الإنسان؛ من الناس من مشيته سريعة ومنهم من مشيته خفيفة ومنهم من إذا مشى تمايل ومنهم من إذا مشى مشى مستقيما هذه يفطر عليها الناس ويولدون على ذلك وينشئون، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما يمشي من صبب يعني كأنه منصب من رأس جبل أو ارتفاع إلى بطن وادي، فهذه هو الطبيعة لكن لا يتكلف الإنسان الإسراع يقول يريد أن يتشبه بسنة النبي لأن هذه جبلة، ومن العلماء من يدخل في هذا اشتهاء نوع من الطعام لأن هذا أمر جبلي فقد يولد اثنان من الناس من بطن واحدة وهم توأمان هذا يشتهي طعاما وهذا لا يشتهي ذلك الطعام إلا إذا دل الدليل عليه بخصوصه وذلك كفضل طعام من الأطعمة كما جاء في حديث عائشة وغيرها في قول الثريد وكذلك أيضا مما جاء في فضل التمر أو ما جاء أيضا عن النبي عليه الصلاة والسلام في فضل تمر من التمر كتمر العجوة أو تمر المدينة فهذا دل الدليل على خصوصه، وعلى هذا نخرج سؤال السائلة فيما يتعلق في إغلاق الأبواب في الليل وكذلك أيضا ما جاء في حث النبي عليه الصلاة والسلام لبعض أفعاله مثلا في نومه وفي اضطجاعه على جنبه الأيمن ووضع كفه على خده ونحو ذلك نقول هذه ليست أفعال عادات وليست أفعال جبلية وإنما تقصد وتعمل، فالإنسان يختار بين يساره ويمينه فلما اختار النبي وداوم على يمينه كان ذلك سنة وكذلك أيضا إغلاق الأبواب وكذلك إطفاء النار والسرج وكذلك تغطية الأواني وغير ذلك فهذه وإن دل الدليل على بعضها بالنص بالقول وكذلك أيضا من جهة الفعل لو جاء الفعل كذلك مجردا لكان كافيا في كونها من السنة سنة النبي عليه الصلاة والسلام ويدخل في هذا أيضا حث النبي عليه الصلاة والسلام على نفض الفراش في الليل فهذا من آداب النوم وهي من العبادات.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة الجمعة ٢٧ مارس ٢٠٢٠ م
حجم المادة 13 ميجا بايت
عدد الزيارات 543 زيارة
عدد مرات الحفظ 121 مرة