• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
أخت تطلب العلم من سنوات عن طريق سماع أشرطة العلماء وقراءة كتبهم، لكن إذا طلب منها درس تتحرج كثيرا حيث أنه لم يؤهلها أحد للتدريس، فهل الأولى أن تدرس عند طلبة رجال، أو تسكت؟
الجواب:

بالنسبة لطلب العلم وما وفق إليه الإنسان نقول: إن أفضل ما يوصى إليه هو طلب العلم وذلك أن الإنسان لا يمكن أن يعرف الحق إلا بالعلم فلا يمكن أن يقع الإنسان بخطأ أو شر إلا بسبب الجهل ولهذا نقول: كل خير في الدنيا هو بسبب العلم وكل شر في الدنيا هو بسبب الجهل
ولهذا الله سبحانه وتعالى بين أن كثرة الفتن تكون في آخر الزمان بسبب الجهل كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ويظهر الجهل وتكثر الفتن) فإذا قبض العلم وظهر الجهل وكثرت حينئذ الفتن ووقع الاضطرابات واختل واختلت أحوال الناس
وكثير من الناس لا يفرقون بين العلم المادي والمراد بالعلم المادي هو علم الماديات سواء كان ذلك من الأموال أو كان ذلك أيضا من تراكيب المادة وما يسمى بالعلم السببي وبين العلم الإلهي الذي أنزله الله عز وجل خيرا للناس وما يتعلق بعلم الوحي ومعرفة الخير للأمم وكذلك أيضا معرفة العلاقات التي تكون بين الناس من جهة الحق والباطل، كذلك أيضا معرفة الأعداء ومن دونهم ونحو ذلك
هذه العلوم الله عز وجل جعلها في هذه الدنيا وأمر الناس أن يسعوا إليها ولهذا نجد من فضل العلم أنه ما من شيء أمر الله عز وجل نبيه أن يسأله زيادة في شيء إلا زيادة في العلم كما في قول الله عز وجل (وقل رب زدني علما) وكذلك الله عز وجل بين أنه هو الذي يرفع الذين أوتوا العلم كما في قول الله عز وجل: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) فالناس يرفعون بالعلم درجات بمقدار علمهم يقربون من الله سبحانه وتعالى
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول في معاذ بن جبل، قال: (يأتي أمام العلماء برتوة) والمراد بالرتوة هي رمية الحصى أو العصا التي يحذفها الإنسان يتقدمهم وذلك لأنه أعلم الناس بالحلال والحرام، ومنزلة الإنسان في الدنيا هي بمقدار معلومه، ولهذا نقول إن العلم هو الذي يشيد المباني والجهل هو الذي يهدمها وبالعلم تقوم الدول وتقوم الأمم وتقوم الشعوب وتقوى وتتماسك وبالجهل تهد تلك الأعمدة
العلم يحرس الإنسان والجهل يقوم بإغواء الإنسان وإضلاله، نجد أن العلم ينمو بالزكاة وبالبلاغ بخلاف المال فإن المال إذا زكاه من جهة أصله ينقص من جهة الرقم وإن كان يختلف من جهة البركة، أما من جهة العلم فإنه كلما أنفقه زاد بركة على الإنسان، العلم يحرس الإنسان، المال يحرسه الإنسان، العلم يزيد الإنسان قوة وثباتا والمال يزيده انهزامة وتعلقا في أمر الدنيا
لهذا نقول إذا وفق الإنسان إلى العلم عليه أن يعلم أن الله عز وجل أمره ببلاغ ما لديه من العلم بالنسبة للتعليم وكذلك أيضا البلاغ نقول إن الأمر على نحوين:
النحو الأول: ما يسمى بالبلاغ، نقول البلاغ شيء والتعليم أن الإنسان يتصدر للتعليم والتدريس هذا شيء آخر، البلاغ الله عز وجل ما جعل للعلم نصابا إذا بلغه الإنسان وجب عليه أن يبلغ يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) بلغ ما أنزل إليك: يعني ما جاء إليك من الوحي، من وحي الله سبحانه وتعالى بلغ الذي جاءك، فإذا سمعت شيئا من الحديث أو شيئا من الوحي أو من الفوائد بلغها إلى من حولك، سواء كان من الأبناء أو الزوجة أو الإخوان أو الزملاء أو غير ذلك هذا البلاغ لا يعني أن ينصب الإنسان نفسه للتعليم، لهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام أو كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو وغيره، قال عليه الصلاة والسلام: (بلغوا عني ولو آية) لهذا نقول إن نصاب الزكاة للمال هو أن يبلغ المال نصابا ثم يزكى فيه فتخرج الزكاة المالية
بالنسبة للعلم؛ العلم في ذاته لا يحتاج إلى نصاب فإذا لم يكن لديك إلا فائدة واحدة عليك ببلاغها هذا من جهة البلاغ
الأمر الثاني ما يتعلق بأن ينصب الإنسان نفسه للتعليم نقول: لا يجوز للإنسان أن ينصب نفسه للتعليم إلا وقد أحاط بما يعلم الناس من ذلك العلم فإذا أراد أن ينصب نفسه للوعظ أن يكون محيطا بالوعظ محيطا بالتذكير وكذلك أيضا بحدوده والدواخل التي ربما تدخل عليه، فيعرف الأحاديث التي يحدث بها الصحيحة أو الضعيفة حتى لا يفتري على النبي عليه الصلاة والسلام فإن الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام خطير كما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) هذا من جهة التعليم والتدريس
فأما من جهة البلاغ فعلى ما تقدم الإنسان يبلغ، لهذا أوصي الأخت في سؤالها فتقول إنها يعني قد أخذت أو حصلت شيئا من العلم ولكن وجد لديها شيء من القصور فيه وهناك من ينصحها بالتعليم والتدريس فنقول: الإنسان لا يلزم أن يحيط بجميع العلوم حتى يدرس علما من العلوم إذا كنت تجيد علما واحدا كعلم العربية أو تجيد مثلا علما كالتفسير أو مثلا في الفقه أو غيرها من تلك العلوم فعلم ولو جهلت الباقي، ولو جهلت الباقي شريطة ألا ينشر الإنسان إلا على العلم الذي يستطيع أن يؤديه كما أمره الله عز وجل

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة السبت ٢٨ مارس ٢٠٢٠ م
حجم المادة 11 ميجا بايت
عدد الزيارات 1037 زيارة
عدد مرات الحفظ 138 مرة