• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
أخت تعاني من الوسواس الشديد، تقول: إنها توسوس في الاحتلام، في الاستنجاء، في مسألة الاستحمام عندما يلمسها أخوها مثلا، تشك في هذا الأمر وربما أنها أصابها نجاسة، أصابها شيء من هذا الأمر فتقوم بالاستحمام، تريد التوجيه، وما حكم فعلها؟
الجواب:

بالنسبة للوسواس هذا يبتلى به كثير من الناس في جانب العبادة ولا شك أنه من مداخل الشيطان على بعض الصالحين وذلك أنه إذا علم إقباله على عبادة أو علم صلاحه دخل عليه من هذا الجانب زيادة في الاحتياط ومطمعه في ذلك أن يصده عن عمل الخير ولهذا تجد كثيرا ممن بلغ حدا من الوسواس أنه ينقطع عن العبادة ويترك العبادة والتدين بالكلية، وهذا أمر ملموس
وتجد أن في بعضهم من يغتسل في اليوم خمس أو ست مرات اغتسالا كاملا وهذا لا شك أن فيه مشقة على الإنسان أن يغتسل خمس أو ست مرات في يومه بل ربما بعضهم يجد أكثر من ذلك فيغتسل اغتسالا كاملا لأنه لا يدري أي العضو الذي لُمس معه ويأتي بعد ذلك ثم يقوم بالاغتسال
وبعضهم يوسوس فيما هو أشد من هذا إذا دخلتُ الخلاء أظن أن يدي وصلت إلى كذا ثم إذا توضأ ثم قبضت مقبض الحمام فإنه قد وصلت إليّ نجاسة ثم إذا خرج قد قبض ذلك المقبض أو قبضه شخص متنجس وكذلك أيضا وصل إليه شيء من رذاذ البول ونحو ذلك
نقول: هذه كلها ظنون ومداخل للشيطان يدخل بها على الإنسان، لهذا الواجب على من أصيب بالوسواس أن يأخذ باليقين ويدع الظنون والشك، وذلك أن الظنون والشك هي عتبات توصل الإنسان إلى الإيغال في أبواب الوسواس فيجب على الإنسان أن يبتعد عن مثل هذا الأمر
وقد سألني أحدهم أنه لشدة وسواسه يغتسل في اليوم سبع مرات! وذلك بسبب أنه لا يعلم أي المواضع التي أصابه من رشاش البول لأنه يتوهم ولا يدري أنه ثمت موضع هل أصيب بهذا الأمر فيقول: إنه تراودني نفسي على ترك الصلاة بالكلية، لماذا؟ لأنه يفعل هذا للاحتياط حتى تصح صلاته، فإذا رأى أن صلاته كلها فيها شك وكلها فيها ريب فإنه سيدع الصلاة ويشعر بالملل، وكذلك تأتيه ربما ردة فعل من هذا الأمر وهذا من مداخل الشيطان
ما الواجب على الإنسان؟ الواجب على الإنسان ألا يلتفت لهذه الشكوك يتوضأ مرة واحدة فقط، الاغتسال عند ورود الموجب مما أوجبه الله عز وجل من جنابة أو حيض أو غير ذلك، وكذلك أيضا إذا أراد أن يغتسل من جانب التبرد أو التنظف فهذا باب له حدوده ومن جوانب الطبيعة من جهته ومن جهة الناس وأحوال الناس ومواسيهم تختلف من جهة العمل والشدة وكذلك أيضا البرودة والحرارة والأرض وغير ذلك، هذه لها مراتبها ومعروفة عندنا
لكن مداخل الشيطان من جهة الوسواس هذه في الجوانب التعبدية، الجوانب التعبدية هي التي ترد لدى كثير من الناس في هذا الجانب لهذا وجب عليه أن يأخذ باليقين وأن يدع الظنون والشكوك ولو غلبت عليه أو أسار نفسه أو قال: أن صلاته ليست بصحيحة لن يتجاوز هذه المرحلة إلا بجسارة وقوة
كذلك أيضا من الحلول في أبواب الوسواس أن الإنسان بعض الناس خاصة الذين يكررون الأعضاء منهم من يبدأ بالوضوء قبل الصلاة بنصف ساعة ويبقى متوضأ ويعيد في وضوءه أنه لم يحسن ذلك الوضوء وربما فاتته الصلاة
الشيطان يريد أن تبقى على هذه الحال وتزيد في تلك المدة حتى تفوت تلك الصلاة أو تمل من الوضوء بعد ذلك تنقطع من العبادة حتى تضيق نفسك وتجد حرجا في جانب العبادة ثم تتساءل: لماذا الله عز وجل شرع العبادة وفيها انشراح للنفس، وأنا أجد فيها كربا وشدة؟ ثم يدخل بعد ذلك إلى عتبة أخرى هو جانب الشك في التشريع، فهي عتبات يريد الشيطان أن يوصل فيها بعض الصالحين أو بعض المسلمين حتى يصلوا إلى الانقطاع عن جانب العبادة
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا) يعني إن الإنسان إذا كلف نفسه من العمل سواء كان مشروعا فمن باب أولى ما ليس بمشروع مما كان من أمور الوسواس فإنه حين ينقطع فإنه سينقطع عنه كتابة الأجر، فيجب على الإنسان أن يحرص على العمل ولو كان قليلا
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ) وفي رواية: (أحب العمل ما داوم عليه صاحبه) يعني ولو كان قليلا
فالإنسان يصلي ركعتين في الليل خير من الذي يصلي في ليلة واحدة احدى عشرة ركعة ثم لا يصلي بعد ذلك أبدا أو ينقطع مدة طويلة والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع
فلهذا نقول: إن جانب الوسواس لا بد من علاجه بأحوال منها على ما تقدم الإشارة: الأخذ باليقين وترك الشك، كذلك أيضا الذين يبتلون بعدم ضبط العد يضع الإنسان مثلا شيئا يعينه على تجاوز هذه المحنة حتى يدعها
من ذلك الاهتمام، خاصة في الصلوات التي يصلي ربما بعض الناس في صلاته يصلي عشر ركعات أو عشرين ركعة وهو يصلي مثلا صلاة العصر، وربما هو ما صلى هذه الصلاة هو يصلي ست سبع سجدات أو نحو ذلك أو يعيد الفاتحة عدة مرات أو نحو ذلك فيستعمل الأشياء الرقمية مثلا بعض الحواسب والخواتم أو نحو ذلك بعدد الركعات، ولهذا جاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى أنها كانت تعد ركعتها بالحصاة، وجاء أيضا وثمت جزء لبعض الأئمة في السنة بعدّ الآي، وكذلك عدّ الصلوات، وقد تكلم على هذا جماعة من العلماء كابن رجب رحمه الله في كتابه الخواتم وذلك أيضا في عدّ الآي
كذلك أيضا إذا وجد الإنسان إشكالية حتى يتجاوز هذه المرحلة يوجد لديه من يعينه في ذلك كالرجل الكبير الذي يصلي في الصف يجلس ابنه ويقول: صليتَ ركعة، صليتَ ركعتين، يعدّ له حتى ينتهي ثم يتجاوز هذه المرحلة، كذلك أيضا من جهة العدّ أن الإنسان يأخذ شيء إحصائي بحيث يتجاوز فيها الظنون الذهنية وحتى يصل إلى ما بعدها
كذلك أيضا أن يلجأ إلى الله عز وجل بالدعاء والاستغفار والتوبة وكذلك أيضا بسؤال الله عز وجل أن يكفيه ذلك الشر بأنه تمكن الشيطان للإنسان من هذا الباب تمكن قلّ من ينفك منه وألمسه كثير في ناس خاصة من الصالحين يريد أن يحمي الصلاة من الخلل ثم تفوته الصلاة بالكلية وهذا من الأمور المهمة
كذلك أيضا من الوسائل العلاجية أن يعلم أن الزيادة في العبادة ربما تكون مبطلة لها كحال النقص كالإنسان مثلا يعيد الفاتحة عشر مرات يريد من ذلك الاحتياط فيها ثم إنه قد كرر الركن أكثر من مرة، أو مثلا يريد أن يصلي الظهر أربعا ثم يتفاجأ أنه صلّى عشر ركعات أو خمسة عشر ركعة بحسب مقدار الوسواس لديه وهو قد أبطل صلاته، فالزيادة في مثل هذه العبادة كحال النقصان
فنقول: الشيطان يدفعك لتحترز لعبادتك ثم تقع في البدعة وتقع أيضا في بطلان الصلاة فيجب على الإنسان أن الصلاة جاءت محكمة كحد السيف عليه أن يعرف حدودها وضوابطها وأن الشك والخواطر التي ترد على الإنسان ليست مسوغة للإنسان أن يزيد في عبادته أو ينقص منها

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة السبت ٢٨ مارس ٢٠٢٠ م
حجم المادة 13 ميجا بايت
عدد الزيارات 514 زيارة
عدد مرات الحفظ 51 مرة
الأكثر تحميلا