• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
كيف تتحقق ثمرة الصوم في سمو أخلاق كثير من الناس، لأنه للأسف الآن بعض المفاهيم انقلبت، أحيانا عندما تجد شخصا انفلتت أعصابه أو كان فظا أو غير ذلك تجد بعض الناس يلتمس له العذر بأنه صائم، فكيف يمكن أن نحقق أثر الصوم بأن يكون له أثر في تهذيب النفس؟
الجواب:

فيما يتعلق بتأثير الصوم، بالتأكيد الصوم يؤثر على النفس، لا بمجرد الكف عن الأكل والشرب بل لما يصاحب هذا من نية صادقة في التقرب إلى الله عز وجل وامتثال امره وطاعته والتزام ما شرع جل في علاه، هذا العمل بظاهره وباطنه. بباطنه النية الصادقة والرغبة الجازمة فيما عند الله وظاهره وهو الكف عن الأكل والشرب والمفطرات يعكس على النفس سلوكا من السمو والارتقاء ما يصدق به قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصيام جنة) فالصيام حصن ووقاية، ولذلك قال: (جُنَّة) والجنة ليس فقط بمعنى أنه وقاية من عذاب الله وسخطه بل هو أوسع من هذا فهو وقاية من عذاب الله وسخطه وهذا هو غاية المطلوب لكن ذلك بمقدمات وهو صلاح العمل وتوقي السوء والشر في القول والمظهر والعمل وفي سائر الحال فالله عز وجل يقول في غاية الصيام: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، إذا المقصود من هذه العبادة وهذه الطاعة هو تحقيق هذه التقوى لله عز وجل.
التقوى ليست أمرا غائبا، التقوى هي كمال بشري إذا حققه الإنسان يبلغ فيه أعلى مقامات الإنسان في سلوكه وأخلاقه ومعاملته وسائر شأنه، ولذلك ينبغي أن يفتش الإنسان عن آثار صومه في سلوكه، وألا يفسر الخطأ والخلل والقصور والتقصير بأنه صائم، النبي صلى الله عليه وسلم لما قال في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (الصوم الجنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب) الرفث يشمل الفعل المحرم الذي يتعلق بالنساء وأيضا القول الذي يتعلق بالنساء وغيرهن مما هو في هذا المعنى، أما الصخب فهو ما يتعلق برفع الصوم في المخاصمات والمشاتمات والمنازعات، فلا يصخب أي لا يرفع صوته في المنازعات في حال الصخب بل ينبغي أن يكون الصوم يوما مميزا بهدوئه وسكينته وطمأنينته وراحة الإنسان فإن ذلك مما يقصد بالصوم.
ولهذا تسمو النفس حتى تتنازل عن المقابلة بالمثل في حال الصيام، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا يرفث ولا يصخب) ثم قال: (فإن امرؤا شاتمه أو قاتله) وفي رواية: (سابه فليقل: إني امرؤا صائم) فلا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يقابله بالإخبار بالمانع من الرد بالمثل وهو الصوم، فالصوم ارتقاء وسمو وهو ارتفاع عن سفاسف الأخلاق وسيئاتها.
أنا أقول لنفسي ولإخواني: أنه ينبغي أن نفتش عن هذه الخصال في صومنا وإذا كان صومنا خاليا منها فإننا منقوصون الأجر يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري وأبي داود من حديث أبي هريرة: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) كل يوم هو مرحلة نقضيها من هذا الشهر ينبغي أن تستزيد فيها من الصالحات وأن نكثر فيها من الطاعات وأن نجافي كل السيئات.
اليوم الشرور متنوعة والفتن صروف وأشكال وأنواع لذلك من المهم أن يتزود الإنسان بالطاعة ما استطاع وبالأخلاق الفاضلة ما أمكنه حتى التبسم في وجه أخيك هذا مما تؤجر عليه في صيامك وتؤجر عليه في غيره وفي الصوم يكون أعلى أجرا لماذا؟ لأنه يقترن بزمان مبارك فاضل، وحال وهدي وبيئة صالحة.
هذا ما أوصي به نفسي وإخواني وبه يتبين الارتباط الوثيق بين الأخلاق وبين الصوم وأن الصيام ينعكس على النفس هدوء وطمأنينة وسكينة ويضعف ويضيق على الشيطان تسلطه وبالتالي ينعكس هذا في الممارسة والسلوك والأخلاق.
أسأل الله أن يعيننا على أنفسنا فالأمر يحتاج إلى مجاهدة.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى الرسالة
تاريخ الإضافة السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 8 ميجا بايت
عدد الزيارات 906 زيارة
عدد مرات الحفظ 216 مرة