• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
هل صدر شيء من المفتي بخصوص القنوت لإخواننا في فلسطين؟
الجواب:

القنوت سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاء نقلها عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم في الصحيحين وفي غيرها من كتب السنة فثبوتها أمر لا إشكال فيه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قنت لما قتل القراء على حي من أحياء العرب شهرا سماهم بأسمائهم، فهذا مما لا ريب في ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والخلاف في ماهي النازلة التي يقنت لها، هل هي نوازل خاصة أم نوازل عامة؟ الذي عليه جماهير الفقهاء أن القنوت هو في النوازل العامة وذهب طائفة منهم أن النوازل الخاصة يشرع لها القنوت كما ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيرى أنه يسوغ للإنسان إذا نزلت به ملمة أو حل به كرب أن يقنت في صلاة النوافل وفي صلاته التي يصليها بمفرده، هذان قولان.
والذي جاءت به السنة أنه يقنت فيما كان نازلة عامة أصابت المسلمين، كمقتل جماعة منهم كبلاء ينزل بهم كاعتداء وما أشبه ذلك.
ما يجري في فلسطين لإخواننا أمر تشيب له الرؤوس وتتفطر له الأكباد فهو أمر يأسى له المؤمن بل يأسى له كل إنسان من جهتين: من جهة ضعف هؤلاء وطغيان أولئك، ومن جهة تخلي العالم عن هؤلاء المساكين الذين لو عددناهم، ما عددناهم من جهة الدين لكان الإنسان يغضب من أجل الظلم الواقع، فإن الظلم قد حرمه الله تعالى على الناس كافة والظلم محرم في كافة الشرائع، وما يجري على إخواننا ظلم بين فاضح يقر به كل ذي عين بصيرة ويدركه كل ذي معرفة ولو ببدايات الأمور.
المقصود أنه بلاء يستوجب أن يتفاعل أهل الإيمان وأهل الإسلام، بل جميع المنكرين للظلم في كل مكان وأهل الإسلام هم أخص من يكون صلة بهؤلاء فتربطهم معهم اللغة والدين ويربطهم معهم أنهم يقيمون على مكان مقدس على أرض مباركة التي فيها المسجد الذي أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه.
فينبغي للأمة عموما أن يكون لها من الجهد والبلاء في رفع ما نزل بإخواننا ما تبرأ به ذمتها أمام الله تعالى ولا شك أن الناس يتفاوتون في الواجب كولاة الأمر ومن لهم سلطة وسيادة ليسوا كعامة الناس في الواجب الذي عليهم، لكن الجميع يشترك في أنه يجب أن يكون أمر يحصل به نوع مشاركة لإخواننا في مصابهم.
ومن ذلك القنوت فإن القنوت مشروع في مثل هذه النازلة وينبغي للأئمة أن يجتهدوا في القنوت لإخوانهم بالدعاء أن يرفع الله عنهم الضيم.
والقنوت هو دعاء يكون في صلب القضية التي نحتاجها وهذه المسألة تحتاج إلى تنبيه لأن بعض من يقنت يجعل القنوت أشبه ما يكون بجملة أدعية تتعلق بالنازلة تتعلق بالحاضرين وتتعلق بالماضي والحاضر في حين أن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر أنه قال: (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) ثم يشرع مباشرة في الدعاء فيقول: اللهم أنج المستضعفين من إخواننا في فلسطين، اللهم عليك بأعدائهم، اللهم عليك بالظالمين الغاصبين من اليهود وغيرهم.
المهم أنه يدعو بما فيه رفع البلاء وحصول الخير لإخواننا بكشف الكربة عنهم هذا من أقل ما يكون تجاه إخواننا فأرى أن هذا مشروع وهذا من مواطن القنوت التي تشرع ويبقى النظر في هل هناك إذن أو موافقة أو ندب من المفتي وفقه الله في هذا الأمر؟ الذي شاع وانتشر أن المفتي وفقه الله قد أذن في هذا فينبغي لنا أن نحرص على هذا العمل الذي نشارك به إخواننا في مصابهم.
لا يليق بالمؤمن الذي امتلأ قلبه محبة لتلك الأرض المباركة ولو لم يكن عليها أحد، فكيف وعليها أقوام يقولون لا إله إلا الله، أقوام يصلون يشاركوننا، كيف لا تتحرك أفئدتنا لهؤلاء، كيف لا نشاركهم في مصابهم إن الأمر عظيم.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينصر إخواننا وأن يثبت أقدامهم وأن يغشاهم بالسكينة التي تكشف عنهم ما حل بهم، كما أني أسأل الله الذي له الأمر كله جل وعلا أن ينتقم من أعدائهم شر انتقام وأن يشفي صدور المؤمنين من هؤلاء الغزاة الغاصبين.

- ذكرتم مسألة التسمية من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمى الذين يدعوا عليهم بأسمائهم وهذا ورد في أحاديث كثيرة من هذا الموضوع الآن هل يشرع الآن للذين يقنتون الآن أن يسموا بالأسماء، فيسموا مثلا الذين يقتلون المسلمين اليوم من قادتهم أو الذين يخوضون حربا ضدهم بأسمائهم، البعض ينكر الآن في ظل العالم المفتوح وانتقال المعلومات بسرعة يعني ينكرون على من يفعلون هذا الأمر.
كذلك البعض يدعو على الكافرين: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا، البعض يقول: لا تقولوا هذا فأنت تدعو إلى إزالة العالم فلا تكن إقصائيا، ماذا تقول في هذا الكلام؟
الذي أرى في هذا الموضوع أن تسمية المعتدي إذا كانت تسمية بالوصف فإن هذا لا حرج فيه وهو المطلوب أن تسمي بالوصف مثلا تقول: اللهم أهلك اليهود الغاصبين، اللهم عليك بالظالمين الذين فعلوا كذا وكذا لأن النبي فعل هذا، أما اليهود كلهم فلا يمكن لأن في هذا الدعاء اعتداء، لأنه لا يمكن أن يهلك اليهود كلهم فنحن نعلم أن اليهود باقون فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر كما في الصحيح أنه لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود.
فالذي يسأل إبادة اليهود أو إبادة أي صنف أو إبادة الكفار فهذا لا شك أنه من الاعتداء في الدعاء لأنه لم يرد دعاء يعمهم هكذا بهذه الصورة إنما الوارد أدعية تكون على أوصاف.
وهذه مسألة مهمة لأن بعض من يحمله الحماس والغيرة يدعو بأدعية قد تكون من صور الاعتداء في الدعاء الذي نهى الله تعالى عنه في قوله: (إن الله لا يحب المعتدين) وكذلك ما جاء من النهي عن الاعتداء في الدعاء في السنة النبوية، فالمقصود أن الدعاء بالوصف هو الوارد.
أما تسمية الأشخاص فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي أشخاصا بعينهم: (اللهم العن فلانا وفلانا) كما في صحيح مسلم من حديث عمر وفي حديث أبي هريرة لكن الله تعالى أنزل قوله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) بعد نزول هذه الآية في سورة آل عمران كف النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية أقوام بأعيانهم وإنما كان يدعو دعاء عاما.
هذا يدل على أنه ينبغي للداعي ألا يسمي شخصا بعينه في دعائه لاسيما في دعاء القنوت، فيما بينك وبين الله إذا كان بينك وبين أحد خصومة أو تريد أن تسمي من ترى أنه قد اعتدي على المسلمين فسمّه، لكن في الدعاء العام ينبغي أن يكون على الأوصاف لأنها تشمل قوما لا نعلم هل هم داخلون في الموضوع وهل لهم مشاركة، فالله عز وجل عليم بمن يستحق هذا الدعاء.
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الحجاج والحجاج معروف ظلمه وبطشه وأذاه لأهل الإيمان وأذاه لأهل العلم وقتله لسعيد بن جبير وجماعة من الكبراء والأئمة فكان يقال للإمام أحمد: ألا ندعو عليه ونسميه باسمه، فقال للسائل: يكفيك أن تقول: (ألا لعنة الله على الظالمين).
ومعنى هذا أنه يكفي في اللعن والدعاء أن يدعو على الوصف وهذا يكفي في حصول مقصوده إن كان هذا ظالما فإنه سيحل به ما دعا به وما سأل به الله سبحانه وتعالى أن ينزله به.
وهنا ملاحظة أن الدعاء في القنوت لا يختص فقط صلاة الفجر أو الصلاة الجهرية بل الوارد في مسند الإمام من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وهذا يدل على أنه لا يختص بالصلوات الجهرية لكن جاءت أحاديث عديدة في أنه كان يقنت الفجر وأنه قنت في المغرب وإذا قنت في هاتين الصلاتين أو قنت في غيرهما فإنه يشرع وقد دلت السنة على مشروعيته.
وأيضا مما ينبغي أن يتنبه إليه من يدعو من الأئمة في هذه النازلة أو في غيرها ألا يطيل في الدعاء فالمطلوب جوامع الدعاء لا التفصيل والبحث عما يهيج الناس على البكاء ويثير أحزانهم فإن هذا مما يخرج بالدعاء عن المقصود.
دعاء النبي مختصر في كلمات معدودة محفوظة في القنوت الذي قنته، وكذلك في المنقول عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة دعاء بألفاظ محددة تعالج النازلة التي يطلب رفعها والدعاء بكشفها وهذا خير من التطويل الذي يمل والذي يثقل على الناس، حتى بعضهم يكره القنوت لما له من الطول الذي يشق عليهم.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى المجد العامة
تاريخ الإضافة الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 8 ميجا بايت
عدد الزيارات 1247 زيارة
عدد مرات الحفظ 287 مرة