• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
كيف يصلي القاعد في الفرض والنفل؟
الجواب:

الأصل في الصلاة أن تكون قياما يقول الله تعالى: (وقوموا لله قانتين) ويقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) إلى آخر الآية، فهذا هو الأصل في الصلاة أن تكون قياما والقيام في الفريضة أي في الصلوات المكتوبات ركن من أركان الصلاة فلا يصح أن يصلي الإنسان وهو قادر على القيام أن يصليها جالسا، بل لا يرتحل ولا ينتقل إلى القعود إلا في حال العجز، قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن حصين: (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب) فهذا الترتيب يبين أن أول المطلوبات كما دلت النصوص في القرآن وكذلك في السنة أن يصلي الإنسان قائما في الفرائض ولا يتحول عن ذلك إلا لعذر إما من مرض أو عجز أو خوف، عذر يبيح له، الله تعالى يقول في قانون الشريعة العام الذي ينتظم كل الأحكام: (فاتقوا الله ما استطعتم) ويقول جل وعلا: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) والآيات في ذلك كثيرة، المقصود إذا لم يستطع القيام فإنه يتحول إلى القعود.
أما إذا قعد وهو قادر على القيام فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على عدم صحة هذه الصلاة فقالوا: لا تصح صلاة القاعد المتمكن من القيام إذا كانت الصلاة مفروضة وهي المكتوبات الخمس فإنه لا يصح أن يصليها قاعدا بل يصليها قائما بالإجماع، هكذا قال بعض أهل العلم والأدلة على هذا متضافرة.
إذا صلى قاعدا وهو غير قادر على القيام فالإجماع منعقد على صحة صلاته في الفرض وفي النفل إذا كان غير قادر على القيام لكن ما يتعلق بالأجر والمثوبة هل أجر صلاة القاعد العاجز عن القيام في الفريضة كأجر القائم؟ من أهل العلم من يقول: إن أجره على النصف من أجر القائم استنادا لما جاء في حديث عمران بن حصين: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) وذهب جمهور العلماء وحكى بعضهم الإجماع عليه كما ذكر ذلك بعض فقهاء الحنفية أنه في الفضل والأجر صلاة القاعد عجزا في الفرائض كصلاة القائم وهذا القول أقرب إلى الصواب، فإن الله تعالى من فضله وعظيم إحسانه يسوي في المثوبة والأجر بين القائم والقاعد إذا كان عاجزا إما لمرض أو لغيره، وقد جاء في الحديث عند البخاري وغيره من حديث أبي موسى: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له أجره وأجر ما كان يعمل صحيحا مقيما) وهذا يدل على أنه إذا ترك العمل لأجل عارض من سفر أو مرض فإنه يؤجر عليه كما لو كان صحيحا مقيما.
وأما ما يتعلق بالنافلة فالنافلة يجوز صلاتها قعودا ولو قدر على القيام ابتداء وبناء، ابتداء يعني في بداية الصلاة يصلي قاعدا، وبناء يعني يبتدئ الصلاة قائما ثم يجلس في بعض ركعاته إما في جميع ما بقي أو بعض ركعاته، هذا داخل في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة القاعد على نصف صلاة القائم) هذا ما يتصل بصلاة القاعد وهي في الأجر على النصف في حال استطاعة القيام في النافلة أما في الفريضة فلا يجوز إلا في حال العجز والأجر ليس على النصف بل هو كأجر القائم لعجزه وعدم قدرته على القيام.
كيف يصلي القاعد؟ يصلي متربعا هكذا جاء في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى متربعا، والتربع هو جلسة يتمكن فيها الجالس من الجلوس وإذا كان لا يستطيع التربع ويستطيع وضعية أخرى يكون فيها قاعدا فإنه يجوز وصفة التربع إنما هي سنة وليست واجبة بمعنى أنه لو جلس مثلا مفترشا ساقيه أو جلس مادًّا رجليه أو مادًّا واحدة وكافًّا الأخرى أو ما أشبه ذلك من الصفات التي يكون فيها قاعدا كل هذا يصح لكن السنة أن يكون متربعا إذا تمكن، وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها أن غالب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أو أكثر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره كان جالسا، وذلك لما حطمه الناس بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم فقد تحمل من الأعباء ما ناء بها صلى الله عليه وسلم في آخر عمره ثقلا لذلك كان يصلي جالسا صلى الله عليه وسلم فصلاة الجالس مشروعة على هذا النحو الذي ذكرت.
أين يضع يديه؟ يضع يديه في حال القيام على صدره، وفي حال الركوع على ركبتيه، لكن إذا كان يستطيع أن يقوم للركوع فينبغي أن يقوم للركوع، أما في الفريضة فهذا واجب إذا استطاع لأن الله يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) وأما في النافلة فإن استطاع أن يقوم فحسن وإن لم يستطع أن يقوم فله أن يومئ بل حتى لو لم يستطع حتى لو استطاع في النافلة أن يقوم لكنه لم يقم وثنى ظهره على صفة الراكع فإن هذا يجزئه على الصحيح، أما السجود فإنه سيسجد على العادة على الأعظم السبعة إن استطاع، وإن لم يستطع فليأت بما يستطيع من ذلك إذا كان يمكن أن يسجد على جبهته، وأما إذا كان لا يستطيع أن يسجد على جبهته فيسقط السجود وبقية الأعضاء ويكفيه الإيماء، لأن الأصل في السجود هو الجبهة فإذا عجز عنها سقط باقيها.
بقي مسألة المضطجع، ولا يصلي مضطجعا إلا في حال العجز سواء كان في فرض أو في نفل، وقال بعض أهل العلم: إن صلاة المضطجع في النفل على نصف صلاة القاعد، فتكون ربع صلاة القائم، لكن هذا لا دليل عليه ولم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أصل، وإنما ورد القعود والقول ورد في القعود فلا يلحق به الاضطجاع لأن الاضطجاع حالة خارجة عن المألوف في الاستقبال وفي الهيئة ولا تفعل في غالب الأحوال إلا في حال العجز فلذلك تقيد بحال العجز في الفريضة وفي النافلة، هذا ما يتصل ببعض المسائل المتعلقة بصلاة القاعد.

- نلاحظ أن بعض كبار السن من المرضى من المأمومين في الفريضة تجد أنه ابتداء يكون جالسا على الكرسي مثلا فيكبر تكبيرة الإحرام وهو جالس ثم بعد إذا انتصف الإمام في القراءة قام!
هو على كل حال يرجع إلى استطاعته لكن هو إذا كان يستطيع القيام فليبتدئ صلاته قياما، أن يكبر تكبيرة الإحرام قائما ثم إنها الصورة التي أمر الله بها (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم) ثم إذا عجز جلس أو شق عليه جلس.
هنا مسألة فيما يتعلق بكيف تحصل المصافة (خصوصا مع صلاة كبار السن في الصفوف)؟ المصافة تكون لا بمقدم البدن من الجالس بمعنى أني لما أكون في الصف مثلا فأنا لا أجعل المحاذاة بمن على يميني وعن يساري بركبي أي بمقدمي فأتأخر، يكون البدن متأخرا عن الصف، تمام! إنما يكون ذلك بالمؤخرة فيكون متقدما بركبتيه أو رجليه ومستو مع الصف ببدنه ومؤخرته.

- وإذا وقف سيكون متقدما (في حال كان يستطيع الوقوف)؟
لو كان يصلي على كرسي!

- أحيانا يستطيع أن يقف؟
نعم، نحن كنا نتكلم عمن يجلس على الأرض، أما لو كان على كرسي فالمحاذاة أيضا تكون بظهره ومؤخرته وليس بمقدم بدنه، ولهذا الآن فيه إشكالية عند المصلين تجد من عنده كرسي ويقوم يكون هو متقدم والآخرين خلفه هذا غلط لأنه لم يحاذهم، المفروض تسوى الصفوف في حال قيامه بالجماعة وفي حال القعود ببدنه ومؤخرته، يعني ببناء بدنه لا بقدميه أو برجله أو ما يتقدم من بدنه.
هنا إشكالية أن بعض الكراسي لا تتحرك فإذا كان الأمر كذا فالأولى ألا يتقدم بمعنى أنه إذا ابتداء الصلاة فليبتدئها بمصافة القيام ثم إذا جلس لا بأس يجلس على الكرسي ويكون (إذا ما استطاع أن يقدم) المحاذاة بقدمه، هذا أهون في نظري والمسألة محل اجتهاد والله أعلم، أهون من أن يتقدم على الصفوف ويكونوا بعده.

- أحيانا يطلب منه أن يتقدم لأنه يؤذي من خلفه، فالذين خلفه لا يستطيعون السجود!
صحيح هذه مشكلة لكن في الغالب هؤلاء الإخوان الذين يحتاجون إلى كراسي يكونون في أطراف الصفوف أو في الروضة إذا كان لها مجلس.
على كل يفعل ما يستطيع من المصافة، لأن المصافة واجبة وهي منوطة بالاستطاعة (فاتقوا الله ما استطعتم) ما أمكن، إذا كان ما يمكن يسحب الكرسي أو كان الكرسي ثابتا أو على جدار أو ما أشبه ذلك فليفعل ما يستطيع.

تاريخ إصدار الفتوى الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٢ م
مكان إصدار الفتوى الرسالة
تاريخ الإضافة الخميس ٢٠ نوفمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 9 ميجا بايت
عدد الزيارات 1464 زيارة
عدد مرات الحفظ 205 مرة