• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
هناك أسئلة تتوارد من سوريا لا سيما عند اشتداد القصف عليهم، كيف يصلون، وهل يشرع لهم صلاة الخوف أم لا؟
الجواب:

صلاة الخوف صلاها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وقد ذكرها الله في كتابه بعد أن أمر بالمحافظة على الصلوات، فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين * فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) هذا ذكر لصلاة الخوف في سورة البقرة وذكر الله تعالى صلاة الخوف في سورة الناس فقال -جلّ وَعلا-: (فإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا حذرهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة) إلى آخر ما ذكر الله تعالى في صفة وضع السلاح، لكن في الصفة اكتملت الآية في صفة صلاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه.
في هاتين الآيتين تبين أن صفة صلاة الخوف تختلف باختلاف حال الخائف، فهي ليست على صفة واحدة ولذلك جاءت على صفات متعددة عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- رواها أصحابه رضوان الله عليهم، فجاءت في حديث عمر وفي حديث جابر ومن حديث صالح بن خوات عن سهيل بن أبي خثمة في الصحيحين وغيرهما في صفة صلاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الخوف.
والإجماع منعقد على مشروعية صلاة الخوف واختلفوا في صفة الصلاة بمعنى أيها أفضل والراجح عن مذهب الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم أنه إذا صلا صلاة الخوف على أي صفة وردت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فإن صلاته جائزة.
وسياق الآيات التي ذكرت صلاة الخوف بينت أن الخوف ليس على صفة واحدة وعلى مراتب، فالله تعالى ذكر صفة صلاة الخوف في سورة النساء إقامتها جماعة، كما قال تعالى: (فإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا حذرهم) هؤلاء الذين معك (فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) أي فإذا سجدت هذه الفئة فليكونوا من ورائكم (ولتأت طائفة أخرى) فهنا قسم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- العسكر الجيش إلى قسمين: قسم صلى معه وقسم يحرس، فإذا صلى الذين مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وقضوا صلاتهم انصرفوا وقضوا صلاتهم وجلسوا في أماكن الذين كانوا يحرسون وجاء الحراس (الفئة الثانية) وصلوا مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه.
الصفات متعددة هذه حال وهي فيما إذا كان الخوف لا يفزع فزعا يمنع من إقامة الجماعة والإئتمام بإمام والقيام بما ذكر الله تعالى من صفات وما فعله أيضًا في غزوة ذات الرقاع -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.
أما إذا كان الخوف شديدا لا يتمكنون معه من الإتيان بالصلاة على الوجه الذي ذكر الله تعالى فهنا يستمر على المستطاع والله تعالى قال: (فاتقوا الله ما استطعتم) وهو المشار إليه في قوله تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) فذكر الله تعالى الصلاة هنا على أحوال متعددة ومتنوعة.
المقصود أن الصلاة يجب على المؤمن أن يقيمها في كل الأحوال فإذا كان خائفا يقيمها على النحو الذي يتيسر له، الواضح أنه في صلاة الخوف تجوز الحركة، تقصر الصلاة في هيئتها وصفاتها، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يقصر عددها في شدة الخوف وأعلى درجاتها فيقتصر على ركعة واحدة وهذا ما جاء عن ابن عباس من أن صلاة الخوف ركعة واحدة، وهذا ما جاء عن جماعة من أهل العلم ممن قال بهذا القول حملوه على ما إذا كان الخوف شديدا يبلغ المنتهى.
والذي عليه عامة العلماء أن القصر في صلاة الخوف هو قصر صفة لا قصر عدد، بمعنى أنه إذا كان مقيما فيصلي أربعا وإذا كان مسافرا فيصلي ركعتين، لكن سيقصر في صفتها فتجده يتحرك وقد يتقدم وقد يتأخر وقد يصلي جالسا وقد لا يركع ويومئ في ركوعه وسجوده، كما قال الله تعالى: فإن خفتم فرجالا) أي صلوا وأنتم تمشون (أو ركبانا) أي وأنتم راكبون، ومعلوم أن الراجل لا يتمكن من السجود والركوع فبالتالي فإنه يأتي من ذلك ما يستطيع من الأعمال هذا ما يتصل بصفة صلاة الخوف.
والمدار كله على أنه يفعل ما يستطيع، فإن استطاع بهذه الصفات التي جاءت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فهذا هو المطلوب وبه يتحقق اتباع هدي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وإذا لم يتمكن فليصل على أي حال كانت وبأي صفة كانت لقول الله تعالى: (فإن خفتم فرجالا) ولم يذكر صفة لهذه الصلاة ( أو ركبانا) ولم يذكر صفة لأداء العبادة إنما يصلي ويأتي بهذه الأركان والعبادات والواجبات ما يستطيع وبهذا يتحقق المطلوب في صلاة الخوف (فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) وهذه في سورة البقرة، وفي سورة النساء ( فإذا اطمأننتم فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) فبين الله تعالى ذكره في حال الاطمئنان، وبهذا يتبين أن صلاة الخوف يفعل فيها الإنسان ما يستطيع من عبادات.
هؤلاء الناس الذين يقصفون يفعلون من الصلوات ما يستطيعون ومما ينبغي أن يعلم أن الصلاة لا تسقط بحال ما دام العقل ثابتا فيقول عامة العلماء وإذا كان الإنسان يستطيع أن يأتيها بأكمل الأوجه فهذا الواجب وإن كان لا يستطيع أن يأتيها بأدنى الكمال أو بأدنى ما يجب ما يجب من قدرها وصفاتها فإنه يصليها بحسب استطاعته ويأتي من الواجبات والأركان ما يستطيع لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم).

تاريخ إصدار الفتوى الإثنين ٢٧ فبراير ٢٠١٢ م
مكان إصدار الفتوى الرسالة
تاريخ الإضافة الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 6 ميجا بايت
عدد الزيارات 1167 زيارة
عدد مرات الحفظ 211 مرة