• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
كلمة حول قرب دخول العشر من ذي الحجة
الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد: إن من منن الله -سبحانه وتعالى- علينا، ومن رحمته، وكثير إنعامه ... مثل هذه المواسم العظيمة التي يتعبد فيها المتقون، وترتفع درجة المخلصين، فيها يفيض الله -عز وجل- على عباده من بره ورحمته ولطفه وفضله وإحسانه الشيء الكثير، من الغبن والخسران الذي لا ينجبر والمفترض ألا يتم أن تمر هذه المواسم العظيمة دون أن يسابق فيها المسلم إخوانه المسلمين بفعل الصالحات والتقرب إلى الله -عز وجل- بشيءٍ من الصالحات، هذا الموسم أقسم الله -عز وجل- به في كتابه الكريم، فقال -سبحانه وتعالى-: "وَالفَجرِ * وَلَيال عَشرٍ" الفجر2:1، المراد بالليالي العشر هي الأيام الأول من شهر ذي الحجة، وقد ذكر أبو عثمان النهدي -رحمه الله-: "أن السلف كانوا يعظمون أيام العشر الأخير من شهر رمضان، وأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة". مما يدل على فضلها وعظيم أجرها ما ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ أحبُّ إلى اللَّهِ فيهنَّ من هذِهِ الأيَّامِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ" هذا فضل عظيم أن يكون العمل الصالح في مثل هذه الأيام يَفْضُل الجهاد في سبيل الله، والجهاد ... وعظيم كلفته ولا يطيقه إلا المؤمنون المخلصون، كونك وأنت في بيتك تفوق المجاهد في سبيل الله هذا إنه فضل عظيم، ومن الحرمان والغبن والخسران لا ينجبر أن تمر مثل هذه الأيام ولا يقدم فيها المسلم ولا يسارع، فحريٌ بنا أن نسارع بالأعمال الصالحة. ومن أفضل الأعمال: كثرة الذكر؛ التكبير والتهليل والتحميد كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- الذي حسّنه ابن حجر "فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ" تخريج المسند، وأيضًا التكبير، والتكبير هنا تكبير مطلق، فقد كان ابن عمر وأبو هريرة - رضي الله تعالى عنهما- يخرجان إلى الأسواق ويكبران في أيام العشر، ويكبر الناس بتكبيره، والله - عز وجل- يقول: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ" الحج: ٢٨، قال ابن عباس: "الأيام المعلومات: هي أيام عشر ذي الحجة"، فعلى المسلم أن يكبر تكبيرًا مطلقًا لا يقيد بأدبار الصلوات، المقيد كما جاء عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- بأدبار الصلوات يبدأ من يوم عرفة، أما قبل ذلك وأيام التشريق ويعني طيلة عشر يومًا يكبر تكبيرًا مطلقًا لا يتقيد بأدبار الصلوات يكبر المسلم في عمله، وفي بيته، وفي ذهابه إلى المسجد، وفي إيابه وفي رجوعه، وعلى سائر أحواله، وكذلك أيضًا المسلمة تكبر وهي في بيتها، وفي مطبخها، وفي عملها: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. كذلك أيضًا من الأعمال الصالحة: الصيام، فيصوم المسلم ما تيسر وإن صام ثلاثة أيام فحسن؛ لأن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يدع صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فيصوم ما تيسر. كذلك من الأعمال الصالحة: التوبة، فالتوبة تتأكد في مثل هذه الأيام الفاضلة والأزمنة المُعظَّمة، مع أنها واجبة في كل زمان ومكان إلا أن وجوبها يتأكد في مثل هذه الأيام، فمن ضعف الإيمان أن نجد أن بعض الناس في مثل هذه المواسم العظيمة لا يزال مصرًا على ذنبه ومعصيته دون أن ينيب ويرجع إلى الله -سبحانه وتعالى-، تجد أنه فرط في حقوق الله وفي حقوق عباد اللَّه. كذلك أيضًا من الأعمال الصالحة: البر والإحسان؛ بر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان إلى الفقراء والمحاويج والأيتام، وإكرام الجار والضيف، وحسن الخلق مع الأهل وغير ذلك. كل هذه أعمال صالحة ينبغي للمسلم أن يحتسبها في مثل هذه الأيام وأن يربي نفسه عليها. كذلك أيضًا من الأعمال الصالحة: ذبح الاضاحي، " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" الكوثر:2، قال بعض المفسرين: "المراد بالصلاة: صلاة العيد، والمراد بالنحر: ذبح الهدايا والأضاحي"، وأيضًا الله -عز وجل-يقول: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" الأنعام: ١٦٢، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "أن كل ملةٍ فيها .... صلاة العيد، فهاتان العبادتان لا تخلو منهما ملةٌ من الملل"، وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "ما تُقرِّب إلى الله -عز وجل- يوم النحر بأحب إليه من إراقة الدم"، فعلينا يا عباد الله أن نسابق وأن نغتنم مثل هذه الأيام وهذه المواسم التي شرعها الله -عز وجل-لنا، فإن المسلم لا يدري ربما يدركها في العام المقبل وربما أنه لا يدركها. كذلك أيضًا ننبه أن المسلم إذا أراد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته إذا هل هلال ذي الحجة، يعني آخر يوم من أيام شهر ذي القعدة إذا غربت شمسه والمسلم يريد أن يضحي فإنه يمسك، والذي يُمنع من الأخذ هو المضحي، أما المضحى عنهم من النساء والذرية فإنهم لا يمنعون، وسواءٌ أراد أن يضحي ذبحًا للأضحية والتقرب إلى الله -عز وجل- بهذه السُنّة، أو أراد أن يهدي الثواب؛ لأن بعض الناس مثلاً يريد أن يضحي عن أبيه أو نحو ذلك إلى آخره ثوابًا وتطوعًا فإنه أيضًا يمسك، أما إذا كان قد وُكِّل في ذبح شيءٍ من الأضاحي دون أن يبذل فيها شيئًا من المال فإنه لا يجب عليه أن يمسك عن ظفره أو شعره أو بشرته. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يعيننا على شيء من الصالحات، وأن يرفعنا بها في الدرجات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة السبت ٢٧ فبراير ٢٠٢١ م
حجم المادة 47 ميجا بايت
عدد الزيارات 415 زيارة
عدد مرات الحفظ 38 مرة
الأكثر تحميلا