• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
مسألة تشريع الصيام، وهل فرضت هذه العبادة العظيمة أول ما فرضت في شهر رمضان أم ثمت فرائض أخرى قبل صيام رمضان، هل لكم أن تطلعوا الإخوة على هذا؟
الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
ما يتعلق بتشريع الصيام أو تشريع غيره من العبادات ينبغي أن نشير إلى مسألة مهمة تتعلق بأن العبادة إذا شرعت في الإسلام وشرعت ما قبل دين محمد صلى الله عليه وسلم فإن هذا يدل على أهميتها
الله سبحانه وتعالى بين أن الصيام قد شرعه على الأمم السابقة، فقال جل وعلا في كتابه العظيم: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) فبين الله سبحانه وتعالى أن الصيام قد جعله مشرعا على الأمم السابقة
وهنا قاعدة: وهي أن الشيء إذا شرعه الله على أكثر من أمة، أو شرعه على أمم، أو على جميع الأمم فإن هذا من الأدلة على فضله ومزيته على غيره من العبادات
ولذلك نجد أن أركان الإسلام وكذلك أيضا كثيرا من الشرائع في الإسلام العظيمة التي دل على تعظيمها النص نجد أنها باقية ثابتة سواء في شريعة الإسلام أو في غيرها، وإنما يتغير شيء من أحكام التعاملات ونحو ذلك، وجعلها بعض العلماء من المعايير التي يفرق بها بين العمل العظيم جليل القدر وبين العمل المستحب
كذلك أيضا بالنسبة للتشريع ما يتعلق بتشريع الصيام نجد أن الله سبحانه وتعالى قد شرع لهذه الأمة الصيام، وذلك لتحقق التقوى، لهذا قال الله سبحانه وتعالى: (لعلكم تتقون) يعني أن هذا فيه وقاية من عذاب الله سبحانه وتعالى والوقاية إذا ذكرت في كلام الله جل وعلا لا تكون إلا لشيء من الأعمال العظيمة
تشريع الصيام جاء في الإسلام على مراتب متنوعة قد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحوال كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل، قال: لما قدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصام النبي عليه الصلاة والسلام يوم عاشوراء، ثم شرع الله عز وجل له صيام رمضان، ثم نسخ الله عز وجل صيام عاشوراء فأوجب صيام رمضان، وكان قبل ذلك من شاء أن يصومه فليصمه ومن لم يرد أن يصومه فلا يصومه وذلك لأنه يجب عليه بعد ذلك كفارة
وهذا أيضا يشير ويجعلنا نتكلم على مسألة الزمن الذي أمر الله عز وجل به بتشريع الصيام: ثمت قرينة لدى العلماء يشيرون أيضا إلى فضل العمل وجلالة قدره أنه كلما تقدم العمل تشريعا دل على فضله وعظمه، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام أول ما دعا الناس إلى التوحيد وهذا دليل على فضله ومنزلته ثم دعاهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى الصلاة، ثم دعاهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى الصيام والزكاة
الصيام شرعه الله عز وجل على نبيه في السنة الثانية من الهجرة يعني في ابتداء تكوين دولة الإسلام واجتماع أمة الإسلام وكذلك أيضا عمارة منطلق لأمة الإسلام وهي المساجد، فشرع الله عز وجل له وهذا قبيل معركة بدر، وإنما وقع الخلاف هل كان في شعبان أو قبل شعبان، وهذا لا خلاف فيه عند العلماء أنه كان في السنة الثانية من الهجرة، وقد حكى الاتفاق على هذا جماعة من العلماء كابن جرير الطبري وغيره
وهذا يشيرنا إلى مسألة مهمة وهي فضل الصيام على سبيل العموم سواء كان فرضا أو نفلا، وإذا كان فرضا فإنه يقدم على غيره وقد جعله الشارع ركنا من أركان الإسلام، كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر: قال عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا) هذا متضمن لتلك المعاني التي تقدمت الإشارة إليها
وهذا ما ينبغي للعباد أن يفرقوا بينه وبين ما كان متأخرا من أحكام التشريع ومسائله
- أحسن الله إليكم، يذكر في تشريع الصيام بإجمال سواء كان صيام رمضان أو غيره، يذكر أيضا هنا سؤال من أهل العلم وممن يسمعنا الآن ويشاهدنا: هل الصيام هذه العبادة العظيمة أول ما فرضت في شهر رمضان أم ثمت فرائض أخرى قبل صيام رمضان، هل لكم أن تطلعوا الإخوة على هذا؟
- هو بالنسبة لتسلسل التشريع، الشريعة جاءت منجمة بحسب حاجة الناس والنظر إلى أحوالهم وهذا أمر معلوم بالنسبة لسائر الشرائع سواء شريعة الإسلام أو غيرها من الشرائع كان الأمر فيها على سبيل التدرج لا على سبيل الإجمال، وهذا رحمة ورأفة بالأمم وكذلك بالمكلفين فإن الإتيان بالشريعة جملة واحدة هذا مدعاة إلى النفرة من ذلك التكليف ولهذا الله عز وجل جعل الإنسان في قدره وكونه أنه يأتي أطوارا، كذلك أيضا بالنسبة للتكليف يأتي أطوارا، ولهذا تجد حتى في الصبي أطوار التكليف تكون لديه بحسب أطواره، لهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في المسند والسنن قال عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها لعشر) وهذا فيه إشارة إلى نوع من التهيئة لأداء الصلاة وأنه ينبغي أن يعيش معه طورا، كذلك أيضا بالنسبة للتكليف من جهة الصيام
وأما ما نشير إليه وهو مسألة التدرج في الشريعة: التدرج في الشريعة ظاهر في كل عبادة حتى فيما يتعلق بمسائل الصلاة، بمسائل حتى التوحيد، التدرج في الإخبار شيء وحقيقة الشيء شيء آخر، ما يتعلق بحق الله عز وجل على عباده، ما يتعلق بأسماء الله وصفاته هي حق في ذاته سواء كان قبل التدرج أو بعد التدرج في شريعة محمد أو في غيرها
ولكن التدرج في الإخبار، ولهذا الله عز وجل على نبيه عليه الصلاة والسلام أمره بالتوحيد جملة ثم أمره بشيء من التفاصيل ثم في نهاية الأمر نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن وسائل الشرك ما يتعلق بشيء من أنواع الشرك الأصغر ونحو ذلك من بعض دقائق الرياء وما يسمى بالشرك الخفي وغيره هذا كان متأخرا مع كونه متعلقا بالتوحيد وثابت ولكن تشريع هذا الأمر جاء متأخرا
كذلك أيضا بالنسبة للصلاة كما جاء في حديث عائشة، تقول عائشة عليها رضوان الله: (فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر)، ولم تكن ثمت سنن رواتب وإنما كان فيه شيء من النوافل المطلقة كقيام الليل يختص بالنبي عليه الصلاة والسلام ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يحدث بها حتى اكتمل نظام الصلاة
كذلك أيضا بالنسبة للصيام النبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ثم صام يوم عاشوراء لما قدم النبي عليه الصلاة والسلام واليهود يصومون يوم عاشوراء فصامه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر بصيامه على سبيل الوجوب ثم لما أمره الله سبحانه وتعالى بالصيام، شرع له صيام رمضان كان صيام رمضان على التخيير وبقي عاشوراء على وجوبه، ثم نسخ عاشوراء واستمر بعد ذلك ما يتعلق برمضان على سبيل الفرض
والتدرج هذا رحمة بالأمم، رحمة بالشعوب، ورحمة بالمكلفين ولهذا يقول عمر بن عبد العزيز حتى في حال المبلغ: إذا أردت أن تبلغ غيرك بأحكام الشريعة ينبغي ألا تعطيه الإسلام جملة كاملة حتى لا ينفر منها، لهذا يقول عمر بن عبد العزيز: قال: إنك لا تعلّم الناس الدين جملة إلا تركوه جملة. لماذا؟ لأن الإنسان من جهة تكليفه يحتاج إلى نوع من التوطين، إبلاغ ما يتعلق بالصيام بالتوحيد بشيء من الصلاة ثم الصيام وهكذا.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى المجد العلمية
تاريخ الإضافة الخميس ٢٨ مايو ٢٠١٥ م
حجم المادة 30.26 ميجا بايت
عدد الزيارات 1683 زيارة
عدد مرات الحفظ 267 مرة