• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
تقول: اعتمرت وقبل التحلل وقص الشعر استخدمت عطرا وأنا ناسية، فماذا عليها؟
الجواب:

فمن رحمة الله عز وجل في هذه الشريعة التي هي رحمة للعالمين أن كلف الناس وعذرهم في أحوال فمن أحوال العذر: الجهل، والنسيان، والإكراه.
هي تقول: إنها نسيت فيما يتعلق باستعمالها الطيب وهي محرمة ومعلوم أن الطيب محظور من محظورات الإحرام والله تعالى يقول: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) والخطأ هنا يشمل النسيان، وقد يكون باعثه النسيان وقد يكون باعثه الاندهاش (ولكن ما تعمدت قلوبكم) فإذا فعل الإنسان شيئا ناسيا فإنه لا حرج عليه ولا يؤاخذ بما يتعلق بهذه المخالفة لأنه فعل ذلك ناسيا.
وقد جاء في السنن من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وهذا الحديث وإن كان في إسناده مقال تكلم عليه جماعة من أهل الحديث إلا أن هذا الحديث من حيث مضمونه ومعناه اتفق عليه أهل العلم، بمعنى أن الإجماع منعقد على أن هذه الأحوال الثلاثة: الإكراه والخطأ والنسيان هي مما يعفى فيه عن الإنسان، (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
والخطأ ملحق بالنسيان كما ذكرت في قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) ولكن ينبغي أن يفرق في هذا بين رفع الإثم والمؤاخذة وبين ما يجب عند الذكر لأنه إذا رفع الخطأ رفعت المؤاخذة بالخطأ والنسيان والإكراه لا يعني الاستمرار فإذا تذكر الإنسان خطأ كان ناسيا وتذكر أنه تلبس بمحظور فيجب عليه أن يكف عنه وأن يتركه وكذا إذا كان خطأ وكذا إذا كان إكراها رفع عنه عامل الإكراه وهذا فيما يتعلق بالمناهي.
أما فيما يتعلق بالأوامر فإنه إذا ترك شيئا ناسيا فإنه تسقط المؤاخذة بالترك وقت النسيان، لكن إذا ذكر يجب عليه أن يأتي بما طلب منه إذا كان ذلك مما شرع فيه القضاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه في الصحيح من حديث أنس أنه قال: (من نام عن صلاة أو نسيها) ذكر النوم وذكر النسيان (فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) وقرأ قول الله جل وعلا: (وأقم الصلاة لذكري) فالنسيان هنا عذر به النبي صلى الله عليه وسلم من وقع منه في ترك الصلاة لكنه أمر بالإتيان بالواجب وهو الفعل حيث قال: (فليصلها إذا ذكرها).
إذا عندنا الآن فيما يتعلق بأثر النسيان على العمل: إما أن يكون النسيان دخل على منهي أو وقع في أمر منهي فهنا لا مؤاخذة ولا يطلب الإنسان بشيء مقابل ذلك النسيان إلا أنه إذا تذكر يجب عليه أن يكف عن ما يتعلق بالاستمرار في آثار ذلك النسيان، فإذا كان قد تطيب وهو محرم ناسيا يجب عليه إذا تذكر أنه يزيل الطيب الذي أصابه في بدنه أو في ثيابه.
أما ما يتعلق بفعل المأمور فالإنسان هنا يسقط المؤاخذة حال النسيان فإذا ذكر وجب عليه أن يأتي بما نسي كما قال: (فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فجاء في صحيح الإمام مسلم أن الله عز وجل قال: (قد فعلت) أي رفع الله المؤاخذة حال النسيان كل هذه الأدلة دالة على ما ذكرت ولكن يجب التفريق بين النسيان في المأمورات والنسيان في المنهيات.
النسيان في المأمورات هو رفع للإثم والمؤاخذة لكنه ليس إسقاطا للطلب وأما فيما يتعلق بالمنهيات هو رفع للمؤاخذة ويجب الكف عن آثار ذلك النسيان إذا كان له آثار.

تاريخ إصدار الفتوى الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٢ م
مكان إصدار الفتوى إقرأ
تاريخ الإضافة الأربعاء ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 28 ميجا بايت
عدد الزيارات 1398 زيارة
عدد مرات الحفظ 270 مرة
الأكثر تحميلا