• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
بناء الكعبة وحج الأنبياء
الجواب:

هذا البيت ميزه الله تعالى بأن جعله أول موضع عبد في الأرض جل في علاه، أول بيت عبد عنده الله جل في علاه في هذه البسيطة، على فساحة أرجائها وترامي أطرافها واختلاف أحوالها هو هذه البقعة ولذلك في مقدمة ذكر فرض الحج والمجيء إلى هذه البقاع المباركة الطاهرة ذكر الله تعالى هذا المعنى، فقال: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) هنا ذكر ميزة لهذه البقعة يعني جواب سؤال، لو سأل الناس لماذا نأتي مكة، لماذا لم يكن أي مكان آخر، لماذا اختار الله هذه البقعة؟ (ربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) الله جل وعلا يختار ما شاء من البقاع ما شاء من الأزمان ما شاء من الأحوال ما شاء من الأشخاص (هو أعلم بمن اتقى) هو أعلم بمواطن الفضل جل في علاه، ومنها هذا الاختيار اصطفى الله هذه البقعة، ومن أسباب اصطفاء الله لهذه البقعة أنها أول بقعة عبد فيها الله تعالى.
وهنا ترتبط البشرية آخرها بأولها فنحن عندما نأتي هذه البقعة نذكر آباءنا الأوائل آدم عليه السلام ومن تفرعوا عنه من ذريته الذين عبدوا الله وعظموه في هذه البقعة، فهذه البقعة في التعظيم عميقة في الامتداد بعيدة الأمد والتاريخ، إنها منذ أن كان الناس في هذه الأرض إذ أنهم إنما خلقوا لعبادة الله وكان أول بيت وضع للناس للعبادة هو هذه البقعة المباركة.
بناه آدم عليه السلام كما قيل في بعض الآثار وقيل إنه كان مميزا دون بناء والذي بناه أولا إبراهيم والذي يظهر والله تعالى أعلم أن آدم بناه ثم جدد هذا البناء لأن إبراهيم عليه السلام بناه على قواعد والقواعد هي أسس وأصول يقوم عليها البناء فدل ذلك على أن القواعد، أن البيت كان معمورا من قبل وإنما جاء إبراهيم لتجديد ذلك البناء وإحيائه من جديد وبناه إبراهيم على نحو ما أمره الله تعالى (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) والتي في سورة البقرة (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا).
فالقواعد ذكرت في سورة البقرة وفي سورة الحج ذكر الله تعالى التهيئة وهو الذي سماه الله تعالى تبويئا (وإذ بوأنا) هيئنا وأعددنا ومهدنا لإبراهيم المجيء إلى هذه البقعة ليطهره للطائفين والعاكفين والركع السجود، إذا هو قد عمر لتحقيق العبودية لله لإعادة ما كان في سابق عهد الناس من عبادة الله عز وجل عند هذه البقعة.
لما امتثل إبراهيم وإسماعيل هذا الأمر الإلهي ببناء البيت على الوجه الذي أمره الله تعالى به أمره الله تعالى أن ينادي في الناس (وأذن في الناس) كافة على اختلاف الأمم وعلى اختلاف الأزمان وعلى اختلاف الأماكن (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا) يأتوك المجيبين هذه الدعوة (وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) فهذا المجيء هو إجابة للدعوة السابقة التي دعاها إبراهيم عليه السلام.
هنا يتبين ارتباط الأمم على اختلاف عصورها بهذه البقعة وأن هذه البقعة معظمة عند جميع المرسلين، عند جميع النبيين، إما معظمة بقصدها والمجيء إليها كما قال ذلك جماعة من أهل العلم وإما معظمة بالتوجه إليها بالعبادة والصلاة كما قال أيضا جماعة من أهل العلم.
وقد حج النبيون هذه البقعة المباركة، حجوها تعظيما لله عز وجل، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي عيسى بن مريم في آخر الزمان حاجا ملبيا حتى قال: (كأني بعيسى بن مريم ملبيا بفج الروحاء) وهي منطقة بين مكة والمدينة إما بالعمرة أو الحج أو ليثنيهما أو ليأتين بهما قارنين.
وهذا يدل على أن هذا البيت سيقصده عيسى بن مريم وكما جاء في الآثار السابقة أنه قد قصده موسى عليه السلام وقصده هود وصالح وقصده نوح ومن لم يذكر من النبيين جاء الخبر عنهم: (ما من نبي) وإن كان الحديث في إسناده مقال (ما من نبي إلا وقد حج البيت) فهذه بقعة مباركة تهدهد عليها أزكى البشر وأطيب الخلق من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم والأنبياء معظمين لله عز وجل.
بهذا يتبين لنا بأن هذه البقعة اصطفيت لأنها البقعة التي عبد الله تعالى فيها أولا وأن تعظيمها ليس جديدا في هذه الأمة بل تعظيمها ممتد عبر القرون، ولذلك جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس) فهذا بيان أن هذا التحريم والتعظيم ليس حادثا، إبراهيم أبرز هذا التحريم عليه الصلاة والسلام لكن التحريم كان سابقا (إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض) فحرمها جل وعلا تحريما سابقا، وكذلك جاء إبراهيم عليه السلام فأبرز هذا التحريم وأظهره لأنه الذي أعاد بناء البيت.
ومن إبراهيم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها إلى أن يشاء الله تعالى فهذا البيت معمور وقائم ولازال الناس يعظمونه، حتى الجاهلية الذين كانوا يعبدون الأوثان ورغم ما أحدثوه من فساد وشرك وأصنام إلا أنهم كانوا يعظمون هذه البقعة تعظيما ألقاه الله في قلوبهم وتحريما أبقاه الله تعالى في نفوسهم حتى جاء الإسلام فطهره من الأوثان وبقي التعظيم على الوجه الذي أمر الله به ورسوله.

تاريخ إصدار الفتوى الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤ م
مكان إصدار الفتوى إقرأ
تاريخ الإضافة الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠١٤ م
حجم المادة 37 ميجا بايت
عدد الزيارات 1230 زيارة
عدد مرات الحفظ 284 مرة
الأكثر تحميلا