• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
اليوم يوافق من التاريخ الميلادي الرابع عشر من شهر فبراير وفي هذا اليوم تحتفل الأمة أو يحتفل عدد كبير من الدول النصرانية بيوم يسمونه يوم الحب أو عيد الحب أو فالنتاين تمجيدا لقس نصراني نشر بينهم بعض هذه المعاني
أنا لا أعجب من هؤلاء النصارى الذين يحتفلون بشيء يرون أنه من الدين عندهم لكن تعجب من أن كثيرا من المسلمين وكثيرا من المظاهر التي تكون في بلد الإسلام من تقديس وإعلان بعض طقوس هذا العيد من لبس الأحمر أو تبادل الهدايا أو التحايا التي إلى الآن موجودة في بعض مدارس البنين والبنات يقولون: happy valentine كما هو الحال عند الغرب
أنا أتمنى يا شيخ تجلية الحال أولا في حقيقة هذا اليوم والجانب الثاني والأهم مسألة حكم إظهار هل البدعة هذه هي بدعة اعتقادية أو أنها مجرد كما يشير بعض الكتاب الذين قرأت لبعضهم يقول: فلنحتفل بالحب كما احتفلوا
الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بالنسبة لهذه المسألة وما يتعلق بمسألة الأعياد الخاصة بالأمة الإسلامية، وكذلك محاكاة بعض المسلمين لبعض الأعياد التي يقع فيها أرباب الشرائع أو الأمم الأخرى سواء من اليهودية والنصرانية أو الوثنية وغيرها
أولا: ينبغي أن يكون ثمة تأصيل لدى المسلم في هذا الجانب وهو ما يتعلق بأن الأمة الإسلامية أمة صاحبة تشريع يتعلق في عادات الناس ومعاملاتهم في حياتهم في نومهم ويقظتهم وهذا لم يكن في شيء من الشرائع كلها لا اليهودية والنصرانية
من أراد أن يقيس كثيرا من الأعمال التي تتعلق بها شريعة الإسلام على كثير من السلوكيات والأعمال التي تكون في اليهودية والنصرانية، وجد أن اليهود إنما انحرفوا على أنهم حملوا دينهم على أنه دين طقوس وعبادات في موضع معين، فالعبادة في الكنيسة وبعد ذلك لا يكون ثمة تعبد لله جل وعلا، لهذا ولّدوا في حياتهم ما يشاؤون
دين الإسلام دين محفوظ من جميع الجهات ولهذا وجب على الإنسان أن يتقي الله سبحانه وتعالى في كل موضع من حياته سواء في قيامه وقعوده وفي تعاملاته يحدث ما يشاء لكنه ليس له أن يخالف ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام
لهذا كان خطاب النبي عليه الصلاة والسلام للناس خطاب حياة، فيقول حينما استنصحه الرجل أو طلب منه النصيحة قال: (اتق الله حيثما كنت) يعني في كل مكان وفي كل زمان وجب عليك أن تكون ملازما لتقوى الله سبحانه وتعالى
النبي عليه الصلاة والسلام حينما قدم المدينة وشرع لأمة الإسلام عيدين وهو عيد الفطر وعيد الأضحى وهما عيدان أهل الإسلام لا ثالث لهما
من أراد أن يجعل عيدا للأمة وللمجتمع يحتفلون به فهذه مضاهاة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن النبي عليه الصلاة والسلام قيد هذا الأمر بعيدين وهما عيد الأضحى وكذلك عيد الفطر
من خرج عن هذا وجمع الأمة الإسلامية أو المجتمع على عيد يحتفلون فيه ويعتاد ذلك فإن من المحرمات القطعية التي لا إشكال فيها، أما بالنسبة للاحتفالات العارضة يكون احتفال مثلا لقدوم أحد أو احتفال مناسبة أو نحو ذلك أو شيء لا يدور باعتبار مثلا احتفال جهة معينة لمرحلة معينة مرت بها أو اجتماع أناس، لكنه لا يسمى عيد، العيد إنما سمي عيدا لأنه يعود فترة بعد أخرى
هذه النصوص مقيدة، ولهذا سلمان الفارسي وكان يهوديا وقد دخل الإسلام نظر إليه اليهود وقالوا: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراء، يعني حتى آداب الدخول إلى الخلاء والخروج منه، فقال عليه رضوان الله تعالى: نعم علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر بعض الآداب التي حدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة التخلي
أما بالنسبة لهذا العيد فإذا أردنا أن ننظر إلى أصله نجد أنه من الأعياد الجاهلية من جهة الأصل، وبعد أن استشرى التحريف في الديانة اليهودية والنصرانية وذلك أنه في عام 270م قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان أحد الولاة في أوروبا يسمى الإمبراطور وكان لديه جنود وأراد أن يحث هؤلاء الجنود على الخشونة وعدم الميل إلى الدنيا فمنع الجنود من الزواج بالنساء، وكان ثمة قس من القساوسة يسمى فالنتاين -وسمي به العيد- قد أراد أن يعقد للجنود بالخفية عقودا سرية فعلم به الإمبراطور ثم أمر باعتقاله وسجنه، وحبس فترة ثم تعلق بزوجة أو بابنة السجان ثم أراد بعد ذلك أن يرتبط معها بعلاقة لم تكن في ديانته وعقيدته، ثم بعد ذلك قُتل وأصبح معلما من معالم الحب وحفظ التراث
والنبي عليه الصلاة والسلام حينما نهى عن مشابهة اليهود والنصارى ومشابهة الكفار على وجه العموم أراد بذلك أن يكون للأمة الإسلامية كيانها لأن المشابهة في الظاهر تعني المشابهة في الباطن، وكثير من الناس يقول: ما علاقة المشابهة حينما ألبس أو حينما أفعل أو حينما أحتفل بعقيدتي وديني؟ نقول: لا بد أن تكون المشابهة في الظاهر تضرب في أوتاد مشابهة الباطن حتى يوافق الإنسان في باطنه في الظاهر، وهذا له أثر عظيم على مسألة الاقتداء والتأسي
فإن الإنسان إذا ظهر منه شيء تأسي بأحد من الناس في فعل من الأفعال فإن هذا له محظورات متعددة منها أن هذا يأكل من اعتقاد الباطن شيئا فشيئا حتى يضمحل، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كثير من الأفعال مع إيمان النبي عليه الصلاة والسلام أن الله جل وعلا ينظر إلى القلوب ولا ينظر إلى الأجساد
كذلك حينما جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله إني نذرت أن أذبح إبلا ببوانة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (هل فيها وثن يُعبد) هل فيها صنم من أصنامهم، هل فيها عيد من أعياد الجاهلية؟ فقال: لا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أوف بنذرك)
أولا: هذا نذر، ثم: إنه نحر لله سبحانه وتعالى خالص، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام أراد هل هذا المكان الذي نذرتَ أن تذبح فيه يوافق عيد من الأعياد في مثل هذا اليوم؟ قال: لا، مع أن الفعل ذات الفعل تعبد لله جل وعلا وهو النحر
(هل فيها وثن يُعبد) هل يظن فيها لو مر أحد مار أنه ظن من فعلك هذا أنك تتعبد لهذ الصنم والوثن بينما أنت تتعبد لله، فلما قال: لا، قال: (إذا أوف بنذرك) فهذا يدل على حياطة جناب التوحيد والاهتمام به وعدم الانسياق خلف الوسائل والذرائع التي توصل إلى الشرك

هل إسلامنا بحاجة إلى مثل هذا اليوم حتى يعيد الحب، أم أن إسلامنا قام على تقرير هذا الحب؟

أولا: في الإسلام مسألة الحب لا يحتاج إلى يوم، النبي عليه الصلاة والسلام قد أمر بحب الغير ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيح من حديث أنس بن مالك: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المؤمن مع من أحب)
مسألة المحبة في الله والمودة هي الفيصل بالنسبة للمؤمن وغير المؤمن، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام حث على أن المحبة توجد فيمن كان فيه أصل الإيمان والإسلام وتحقق فيه، ولو كان من المكثرين من شيء من الفجور لأنه أولى من الكافر الخالص، ولهذا الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) والسبب في ذلك: أنهم يدعون إلى النار يعني كفرة، وأما المؤمن ولو كان فاسقا فقد وجد فيه أصل وأساس العدل وهو توحيد الله سبحانه وتعالى، والكافر وجد فيه أصل الظلم وهو الانحراف عن عبودية الله جل وعلا
وإذا تأمل الإنسان هذه الحقيقة وهو أن الله جل وعلا إنما أوجد الإنسان في هذه الأرض لعبادته، كما قال الله جل وعلا: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فانحرف الإنسان وتسبب الله عز وجل بأن أوجده وهيأ له ما في الأرض جميعا وكذلك وضع له الأسباب وكذلك قدر الله جل وعلا له المقادير ثم بعد ذلك ينحرف عن عبادة الله سبحانه وتعالى! هذا هو غاية الظلم
ولهذا الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم على لسان عبده الصالح: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)، ويقول الله سبحانه وتعالى أيضا في بيان هذا الظلم (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)
هذه مسألة الأمن الذي وصفه الله جل وعلا في عاقبة أهل الإيمان من حقق فيه التوحيد هو فيمن عدل أقام العدل مع الله سبحانه وتعالى في باطنه وأراد أن يطبقه كذلك ظاهرا في إقامة شرائع الله سبحانه وتعالى، هذا من جهة العدل والظلم وكذلك الخيرية والمحبة الموجودة في المؤمنين
أما بالنسبة لمن أراد أن يجعل للأم يوما أو من أراد أن يجعل للحب يوما بالنسبة لأهل الإسلام لا يوجد لديهم هذا الأمر، البر نحن نختلف عن الأمم الأخرى، لدينا عناية ونصوص كثيرة نتلوها صباحا ومساء في البر بالآباء والأمهات ولسنا بحاجة إلى يوم يوقظنا في السنة إلى مسألة الأمهات، نسمع في المساجد وفي الخطب ونسمع في الإذاعات ونحدث أنفسنا بأقوال النبي عليه الصلاة والسلام ببر الآباء والأمهات
فإذا عرفنا هذا عرفنا أننا أمة تختلف، أمة مرعية في معاملاتها بخلاف حال اليهود والنصارى لا يعرفون شيئا من الدين إلا ما يفعلونه من طقوس في العبادة، لا يوجد لديهم من النصوص ما يتعلق ببر الوالدين وكذلك في تعاملاتهم في البيع والشراء، وكذلك في حبهم وميلهم وإكرامهم للضيف والإحسان إلى الجار لا يوجد لديهم شيء من هذا، فاحتاجوا أن ينظموا شيئا من تعاملاتهم في أمور الدنيا سواء بالأعياد الموسمية مما يحيي الحب أو ما يتعلق ببر الأم في إحياء شيء من المواسم، كذلك ما يتعلق ببعض المواسم التي أخذتها الأمة للأسف الشديد وفي شريعتها ما يغني عن ذلك من مسألة يوم الشجرة أو يوم الأم أو يوم الصحة ونحو ذلك
وفي النصوص الشرعية من العناية في مسألة الصحة في اليوم والليلة نجد أن النبي عليه الصلاة والسلام اهتم بمسألة الصحة من جهة الأكل والتقليل منه، واهتم النبي عليه الصلاة والسلام في مسألة تنظف الإنسان وفي مسألة الاستنجاء، وكذلك مسألة الوضوء في اليوم والليلة خمس مرات، وكذلك مسألة التسوك، لو طبقها الإنسان في يومه وليلته واعتنى به لوجد أنه لبس بحاجة إلى أن ينظم مواسم في السنة يستطيع فيها الإنسان أن يحافظ على صحته أو بره بأمه أو نحو ذلك
المجتمعات الغربية تعاني تفككا عظيما لهذا وجد من بعض عقلائهم من يبتكر أمثال هذه الابتكارات لعلها تنقذ أو تتلافى شيء من السيئات

المتأمل في الحياة الاجتماعية للغرب يجد أن أيامه كلها كما يقال: جلها عند الأغلب سوداء من ناحية التفكك من ناحية انعدام معنى الحب، ثم يأتي هذا اليوم ويكون يوما أبيضا، بعض المثقفين عندنا يرى أن هذا اليوم الأبيض عند الغرب وليكن فيه فعلا شيء من معاني الحب لكنه يعمي بصره عن أيام سوداء وعن عام أسود كامل فيمجد الغرب لأنه يدعو إلى الحب وينسى هذه الأيام السوداء كما أسلفتم
أيضا يا شيخ يسأل عن مسائل اللون الأحمر مَن مِن المراهقين والمراهقات من لبس مثل هذا، هو لا يقدس الغرب بقدر ما هو كأقرانه، ما حكمه يا شيخ؟ وحكم بيع اللون الأحمر كذلك؟

بالنسبة للبس الأحمر ليست الإشكال في ذات اللون وإنما الإشكال لمن يحدث لبسا في مثل هذا اليوم بمثل هذا اللون، يحدث لبس اللون الأحمر في مثل هذا اليوم وهو لا يلبسه على سبيل العادة، فهذا هو المستنكر في المجتمع أن تكون ثمت في المدارس أو في الطرقات أو مثلا في الأسواق ونحو ذلك من يلبس مثل هذا الشيء في مثل هذه المناسبة هذا ما يستنكره الإنسان
أما بالنسبة لما يتعلق بلبس الإنسان للون الأحمر الأمر في ذلك سعة وقد جاء في بعض النهي من النبي عليه الصلاة والسلام ومنهم من حمله على التنزيه ومنهم من قال بأن هذا الخبر لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام ومنهم من حمله على النسخ
والذي يظهر لي والله أعلم أن لبس الأحمر هو من الملابس الجائزة فيجوز للإنسان أن يلبس الأحمر لكن هذا من جهة الأصل لكن أن يحدد في يوم معين والأياك فيقول الإنسان: مثلا في يوم كذا أنا ألبس الأحمر لأنه يقال: أن هذا يوم عيد؛ يقال: أن هذا ينهى عنه ولا يجوز

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى الاسرة
تاريخ الإضافة الأحد ١٥ فبراير ٢٠١٥ م
حجم المادة 51.29 ميجا بايت
عدد الزيارات 8986 زيارة
عدد مرات الحفظ 286 مرة