• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
زكاة الأراضي التجارية والإقطاعات.
الجواب:

بالنسبة لزكاة الأراضي هذا فرع عن مسألة تتعلق بزكاة عروض التجارة، عروض التجارة عامة السلف وكذلك عامة الفقهاء على أنها تجب الزكاة في عروض التجارة، سواء كانت أراضي أو كانت ذلك من السلع وكذلك مما يتعلق بالسيارات وما يتعلق بالآلات والأدوات والأواني ونحو ذلك هي عروض تجارة وفيها زكاة
وهذا الذي ذهب إليه عامة السلف وروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر ولا مخالف له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى كان يأخذ عروض التجارة بشاهدها وغائبها كما جاء من حديث عبد الرحمن بن عبد القادر عن عمر بن الخطاب وجاء أيضا عن عبد الله بن عمر ولا مخالف لهم، بل بعضهم حكى الإجماع على هذا، كما حكى ذلك ابن المنذر رحمه الله، وكذلك أيضا منهم من عدّ المخالف في ذلك شاذّا كابن تيمية رحمه الله خالف فيها بعض أهل الظاهر قال: إنه لا زكاة في عروض التجارة لعدم ورود الدليل
نقول: الأصل في ذلك أن الأموال التجارية أن فيها زكاة وكذلك أيضا عموم الأدلة من كلام الله وكلام النبي عليه الصلاة والسلام في إخراج الزكاة، وعلى هذا نقول: إن الزكاة المعروضة للتجارة هي التي يجب فيها الزكاة أيا كان نوعها ومنها ما يتعلق بالأراضي
الأراضي إذا كانت تجارية ويعرضها الإنسان للتجارة بيعا فإنه يجب فيها الزكاة جريا على هذه القاعدة، وأما ما يتعلق ببعض الصور وذلك أن بعض الناس يعرض السلعة للبيع ولكن هي لم تكن تجارية ولكن يعرض بيته السكني ليشتري بيتا آخر، أو يعرض سيارته ليشتري سيارة أخرى فهذه معروضة ولكنها ليست بتجارة ولا بمقصدها، فهل تدخل في هذا الباب أم لا؟ الأرجح في هذا أنها لا تزكّى بخلاف الذي كان للتجارة ويريد بذلك النماء والزيادة فإنه يزكى فيها، وهذا الذي جاء به الأدلة سواء المرفوعة والمتكلم فيها والموقوفة وما جرى عليه العمل
وقد جاء عند أبي داود من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الزكاة على ما يعدون من التجارة وجاء ذلك أيضا عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى وغيره بهذا المعنى، فنقول: إن زكاة التجارة تؤدى سواء كانت على الأراضي أو غيره إذا أعدت للتجارة والمضاربة
وأما بالنسبة لما يتعلق بزكاة الإقطاعات؛ نقول أولا قبل الولوج في مسائل الإقطاع: ينبغي أن يعلم أن الصفة التي كان يؤتوا عليها النبي عليه الصلاة والسلام وكذلك أيضا الخلفاء الراشدون من عمر بن الخطاب وكذلك أيضا عثمان وعلي بن أبي طالب وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب؛ كان لها صور وذلك بنفع الناس وعدم الإضرار بهم
ولهذا أقطع النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث وائل عند أبي داود وكذلك الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام أقطع له أرضا بحضر موت، وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام أقطع للزبير أرضا من أموال بني النضير كما جاء في حديث هشام بن عروة عن أبيه، وهذا إشارة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُقطع
الإقطاع له صور ثلاثة:
الصورة الأولى: هو إقطاع تمليك، أن النبي كان يتملك سواء كانت أرضا ليبني بها بيتا أو كانت أرضا ليستثمر في ذلك زراعة من مال نفسه يزرع بستانا أو ربما يتاجر بها الإنسان فهذا من الأمور الجائزة وهذا إقطاع التمليك
وأما النوع الثاني من الإقطاع: فهو إقطاع الانتفاع أن الإنسان ينتفع بذلك ولا تكون ملكا له، وذلك ينتفع به الإنسان ما قامت بذلك منفعته وذلك كالإنسان الذي يريد أن يفتتح مثلا محلا أو متجرا خاصا به، فيعطى ذلك المحل للمتاجرة فيه، ما قام في ذلك فإنه ينتفع به، ثم يرجع إلى بيته بيت المال
ويدخل في هذا ما يتعلق بالأراضي الزراعية التي يقيد مثلا انتفاعها باستعمال الإنسان لها
النوع الثالث من الأراضي والإقطاع في ذلك: هو إقطاع الإنفاق وذلك الذي ينتفع به الناس جميعا، وذلك من المرافق العامة، وذلك كالبسطات التي يكون محلها لمن سبق إليها، كذلك أيضا محل المعارض العامة ونحو ذلك التي ليست لأحد بعينه هذا ينتفع فيها الناس
كذلك أيضا حتى لو لم يكن للتجارة، إقطاع مثلا الجلوس في الميادين العامة ما يسمى بالحدائق وغير ذلك هذا أيضا نوع من الذي ينتفع به الناس وليس لأحد بعينه وإنما للعامة
لهذا نقول: إنه من اعتبارات التقسيم ثمة إقطاع خاص وإقطاع عام، ما يتعلق بهذا القيد الإنسان هل يدخل في هذا الزكاة، نقول: بالنسبة للإنسان إذا تملك شيئا مما يتعلق بإقطاع التمليك، فهو كحكم مال ملكه ينظر إليه، هل كان من التجارة أم ليس من التجارة
بالنسبة لما يتعلق بالنوعين الآخرين وهو إقطاع الاستعمال وكذلك أيضا الإرفاق فإن هذا من بيت مال المسلمين ليس فيه زكاة باعتبار أنه مما ينتفع به العامة ليس من الأملاك الخاصة، فأراضي المسلمين ليس فيها زكاة العامة، المرافق والطرقات وكذلك أيضا الأراضي الفضاء ونحو ذلك، الأصل فيها أنه ليس فيها زكاة حتى تُملك من أحد بعينه
وهذه الصور إذا أدركنا نعلم بأن هذه الصور أريد بذلك نفع الناس؛ سواء كانوا فردا أو كانوا جماعة من غير الإضرار بالمسلمين
وأما الصورة السائدة فينبغي أن يعلم بأنها لم تُعرف في زمن النبي عليه الصلاة والسلام ولا في عمل الصحابة عليهم رضوان الله تعالى ولا أيضا في كلام الفقهاء عليهم رحمة الله وذلك بالإقطاعات العظيمة جدًا التي ربما ينتفع بها الإنسان ويتفرد بها العامة من جهة السكن وكذلك أيضا المزارع وكذلك أيضا الطرقات وغير ذلك فهذه ليست من مباحث الفقه عند العلماء من جهة الزكاة، وإنما مباحثها هل تسوغ وتجوز أو لا تجوز
ولهذا نقول: إن مثل هذه الأشياء ليست من الصور المبحوثة في السنن ولهذا كان عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى يُجري ما كان من إقطاع في زمن النبي عليه الصلاة والسلام لبعض الصحابة في ذلك أنه بحسب الانتفاع، ولهذا كان يقيّد عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في ذلك الانتفاع في مثل هذه الأشياء بثلاث سنين، وهذه السنوات يقيدها إما أن تنتفع بها ولا تبقى ضربا في ذلك وخلوا أو ينتفع بها غيره، فإن انتفعت بها وأحييتها فإن الإنسان يملكها
أما ما يتعلق بالمساحات الكبيرة التي تشابه المدن وتشابه أيضا القرى ونحو ذلك الكاملة وتبقى لسنوات طويلة من غير أن ينتفع بها أحد فنقول: هذا ليس من مقاصد الشريعة وليس أيضا مما هو مبحوث، فإن المقصود من الإقطاع في ذلك أن ينتفع الإنسان بنفسه من غير أن يضر بغيره، أو ينتفع بذلك عامة الناس على الصور التي تقدم الإشارة إليها
ولهذا لما أقطع النبي عليه الصلاة والسلام بعض الصحابة أخذ من لم ينتفعوا بها في زمن عمر أخذها منهم ومنهم من أعطاه شطرها ومنهم من أعطاه الثلث ومنهم من أعطاه دون ذلك فقيد ذلك بأمر الانتفاع، وأعظم من يفسر مقصد النبي عليه الصلاة والسلام هم الخلفاء الراشدون عليهم رضوان الله تعالى كما جاء في حديث العرباض بن سارية أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)
لهذا نقول: إن هذه القضية وهو ما يتعلق بالإقطاع في مثل هذه الصورة هو ليس من المباحث الزكوية وإنما هو من مباحث حق التملك فيها، هل هي ملك للإنسان؟ انتقلت إليه بملك صحيح أو لم تنتقل إليه؟ الانتقال في ذلك هو على هذه الصورة إذا كانت من الصور الأولى فإن انتقاله صحيح، وإذا كانت من الصور الأخيرة فإنه ليس بانتقال صحيح فهو لا يملكها من جهة الأصل ومن باب أولى لا يخاض فيها في المسائل الفقهية في مسائل الزكاة من عدمه وإنما ترجع إلى بيت المال بتمامها وليس للإنسان في ذلك حق فيها، وإنما هي من حق المسلمين المشاع ينظر فيها غيرهم ومن ينتفع به سواء كان خاصا أو جماعة أو كان أيضا من مصالح المسلمين العامة سواء كان من المراعي أو كان ذلك من المرافق كالمستشفيات أو الدور أو الأحياء أو غير ذلك مما ينتفع به الناس

تاريخ إصدار الفتوى الإثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠١٤ م
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة الخميس ٠٧ مايو ٢٠٢٠ م
حجم المادة 15 ميجا بايت
عدد الزيارات 792 زيارة
عدد مرات الحفظ 152 مرة