• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
كلمة توجيهية حول الحج في زمن كورونا
الجواب:

نبتدأ اللقاء تكرمًا منك بتوجيه بعض الأخوة، حيث أن كما لا يخفاكم أن الحج الآن بسبب هذه الظروف قد توقف من استقبال الحجاج من خارج المملكة العربية السعودية، فكلمة توجيهية لبعض الناس من يأسف أو يعني على عدم ذهابه للحج هذه السنة، وما هو التوجيه له -حفظك الله-؟ جواب الشيخ: طيب، بسم الله الرَّحمن الرحيم، إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مُضلَ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد، وبعد: عندنا قاعدة وهي: أن المسلم إذا فعل السبب فإنه يُكتب له أجر العمل وليس أجر النية، وإنما يكتب له أجر العمل، وكثيرًا ما نسمع شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-يكرر ذلك ويقرأ قوله –تعالى-في سورة النساء: "وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" النساء: 100. وأيضًا في الصحيحين يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقَى المُسْلِمانِ بسيفَيهما فالقاتِلُ والمقتولُ في النَّارِ، قال: يا رسولَ اللهِ هذا القاتلُ" واضح، "فما بالُ المقتولِ؟" يكون في النار قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّه كانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" صحيح البخاري، فكونه فعل السبب ورفع السيف في وجه أخيه المسلم، كُتب كأنه قتله. فالحمد لله، مادام أن المسلم فعل السبب، وقصد الخير، وحِيل بينه وبين مقصَده فإنه يكتب له أجر العمل، كأنه عمل العمل الصالح، فإذا فعل السبب من أجل الحج، ثم بعد ذلك حيل بينه وبين ذلك لعذر؛ كُتِبَ كأنه حج، وليس أجر النية بل أجر العمل الصالح. مثال آخر: لو أن شخصًا أراد أن يصلي الضحى ثم بعد ذلك شرع في الوضوء، وبعد أن شرع في الوضوء طرق عليه طارق، أو حصل له عذر مع أهله ونحو ذلك ولم يتمكن من إكمال عبادته، فإنه يكتب له أجر العمل، وهذا كما ذكرنا دليله من القرآن ومن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-. فنقول الحمد لله مادام أن المسلم قد فعل السبب وقصد الخير، فإنه يكتب له أجر العمل عند الله -سبحانه وتعالى-وكأنه حج، وهذا من فضل الله ورحمته وعموم إحسانه وكثير فضله، فنسأل الله -سبحانه وتعالى-أن يحفظ الحجاج والمعتمرين، ونسأل الله -سبحانه وتعالى-أن يعوض علينا حج بيت الله الحرام أعوامًا عديدة وسنوات مديدة، والحمد لله عن قريب بإذن الله سيرتفع هذا الوباء ويزول هذا البلاء، والحمد لله العمرة الآن مفتوحة، والعمرة هي الحج؛ هي الحج الأصغر، "عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي" صحيح البخاري، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأحب أن أذكّر أيضًا في بداية هذا اللقاء، أذكِّر الأخوة المتابعين، أننا الحمد لله يعني أبواب العبادة مفتوحة، يعني ليست محصورة على الحج، أبواب الخير مفتوحة، المسابقة إلى الطاعات مشروعة في كل زمان وكل مكان وخصوصًا نحن الآن في شهر ذي القعدة، وشهر ذي القعدة حباه الله -عزَّ وجلّ-بشيء من الفضائل، وميزه بشيء من الخصائص، فشهر ذي القعدة هو أحد الأشهر الحرم التي ينبغي للمسلم أن يعظمه وأن يجلّه "وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" الحج: 32، "وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ" الحج: 30، "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ" التوبة: 36، فالمسلم عليه أن يتذكر أنه في شهر ذي القعدة وأنه شهر حرام، وكما قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "اللَّه -سبحانه وتعالى- اختص هذه الأربعة الحرم، فجعل الذنب فيهن أعظم، وجعل العمل الصالح والثواب فيهن أعظم"، فالذنب في مثل هذا الشهر ليس كالذنب في غيره، والعمل الصالح في هذا الشهر ليس في غيره. ومن فضائله: أنه أحد أشهر الحج، ومن فضائله: أن الجاهلية وهم جاهلية كانوا يعظمونه وكانوا يقعدون عن القتال ولهذا يسمى بشهر ذي القعدة؛ لأنهم كانوا يقعدون عن القتال لكي يسير الناس إلى لحج، وهذا من تعظيمهم للحج، يعني شهر ذي القعدة شهر أَمِن ما فيه قتال؛ لكي يأمن الحجاج في الذهاب إلى بيت الله الحرام، وشهر محرَّم ما فيه قتال شهر حُرُم؛ لكي يعود الحجاج إلى بلادهم، ومن فضائله: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-إنما اعتمر في ذي القعدة، إلا العمرة التي في حجته "مع حجته" كما جاء من حديث أنس في الصحيحين، وكما جاء عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، ومن فضائله: أن بعض العلماء فضل العمرة فيها على العمرة في رمضان، ومن فضائله: كما أسلفنا الذنب فيه أعظم، والأجر عند الله -سبحانه وتعالى-أعظم. فعلينا أيها الأحبة أن نعظِّم شعائر الله، تعظيم شعائر اللَّه؛ هذا يدل على العلم بالله -سبحانه وتعالى-وبشعائره، وقوة الإيمان، وتعلق القلب بالله -سبحانه وتعالى-، كما أن التمادي في الذنوب والمعاصي وتعدي حدود الله وانتهاك حرماته؛ هذا يدل على الجهل بالله -سبحانه وتعالى-وبشعائره وما يجب لهذه الحُرمات، وما ينبغي للمسلم في تلك الشعائر، والمسلم إذا عَظَّم شعائر اللَّه؛ عظَّمه الله -عزَّ وجلّ-، وإذا أجلَّ شعائر اللَّه؛ أجلَّه الله -سبحانه وتعالى-ورفع درجته وأكثر ثوابه، ورحمه ورفع عنه البلاء والوباء، اللهم صل وسلم وبارك على النبي محمد. المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا الكريم.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة السبت ٢٧ فبراير ٢٠٢١ م
حجم المادة 45 ميجا بايت
عدد الزيارات 430 زيارة
عدد مرات الحفظ 81 مرة
الأكثر تحميلا