هذا فرع عن قضية الصلاة وترك الصلاة، نقول: ترك الصلاة اختلف العلماء في ذلك فمنهم مكفر كفرا أكبر ومنهم مكفر كفرا أصغر
نقول: الذي يظهر لي والله أعلم أن تارك الصلاة بالكلية لا يصلي شيئا على الإطلاق أن هذا كافر كفر أكبر وذلك لظاهر قول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في مسلم من حديث جابر قال: (بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة) وكذلك أيضا ما جاء في المسند والسنن من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)
وأيضا كذلك ما جاء عن جماعة من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى كما جاء عند الترمذي من حديث عبد الله بن شقيق أنه قال: ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة
وكذلك أيضا هو إجماع التابعين كما جاء عند محمد بن نصر المروزي عن حماد بن زيد قال أيوب السختياني وهو من أجلة التابعين قال: ترك الصلاة كفر لا نختلف فيه
وهذا الذي ذهب إليه جماعة من العلماء وأقوال الإمام أحمد رحمه الله وظاهر كلام الشافعي رحمه الله وكذلك أيضا الإمام مالك، لهذا نقول: إن تارك الصلاة هو كافر كفر أكبر فعلى هذا نقول: لا يجوز للمرأة أن تبقى مع رجل لا يصلي بالكلية، ولكن إذا كان يصلي ويترك، يعني يصلي صلاتين وزيادة في اليوم ثم يفرط في الباقي، نقول: هذا مرتكب لكبيرة
وأما بقاؤه معها في مثل هذه الحال يرجع في هذا إلى مسألة استصلاح في مثله إذا كان الإنسان لا يقصر في صلاته بالكلية وإنما في فرض وفرضين ونحو ذلك، نقول: يرجع إلى استصلاحه، هل يرى استصلاحه في مثل ذلك، وهل لديها منه ذرية بحيث إنها يشق عليها المفارقة ونحو ذلك؟ فمثل هذا نوع من التقسيم الذي لا يكون تركا بالكلية كحال الكبائر، كحال بقاء المرأة مع زوج مثلا يشرب الخمر وهو يقيم الإسلام، أو كان لديه شيء من الكبائر يتعامل بالربا وهو قائم بأمور الإسلام، هل المرأة ترجو استصلاحه، وهل يوجد مفاسد عظيمة في بقائها معه ونحو ذلك، هذا يحكم فيه في حال المرأة، وإلا فالغالب أن الذي لا يصلي بالكلية لا يرجى منه صلاح من جهة الأمانة ولا الديانة، والذي يترك الصلاة بالكلية ليس ببعيد عن بقية المحرمات
ولهذا يقول عمر بن الخطاب كما جاء عند عبد الرزاق وغيره، قال: من حافظ على هذه الصلاة فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. وكذلك أيضا جاء عنه من حديث عبد الله بن عباس أنه قال في الصلاة: إن أعظم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه.
لهذا نقول: إن مسألة الصلاة أنه يتأكد للمرأة في ابتداء زواجها أن تسأل عن هذه القضية أول سؤال قبل سؤالها عن ماله وقبل سؤالها عن حسبه باعتبار أن هذا هو قوام الأخلاق، لأن الصلاة هي تقيم خلق سبحانه وتعالى وتقيم دينه
ولا يوجد تفريط في الأزواج في أي أمر إلا وهو انعكاس في الصلاة، قد تقول امرأة أو رجل يقول: إنه يؤدي الصلاة، نقول: هل تؤديها كما أمرت بها! بعض الناس يؤديها لكن يؤديها بلا خشوع وبلا رواتب وبلا سنن وبلا تسبيح قبلها وبلا حضور قلب هذا نوع من القصور يقابله نوع من الخلل لأن الله عز وجل جعل الصلاة (تنهى عن الفحشاء والمنكر) فإذا وجد لدى الإنسان شيء من المنكرات فليعلم أنه يقابله خلل
لا يوجد إنسان يؤدي الصلوات ويؤدي النوافل والسنن الرواتب ويؤدي الوتر ويؤديها بخشوع قلب ويكون لديه شيء من الكبائر، هذا من الأمور الشبيهة بالمحال، وإذا وجد لديه تقصير فيوجد هذا إنما يكون هذا من التقصير العارض وهذا مما يمكن أن يتوطن عليه الإنسان من البلاء والفتن العارضة أو ربما يكون في مثل هذا الأمر الذي يقع فيه الإنسان في مثل هذا الأمر الذي لديه خلل في جانب الصلاة فوجب على المرأة وكذلك الرجل أن يقيم دينه في مثل هذا الأمر
بعض الناس يتصور أنه يؤدي الصلاة وهو لا يؤديها وقد جاء عن حذيفة بن اليمان كما جاء عند محمد بن نصر أيضا في كتابه تعظيم قدر الصلاة أنه رأى رجلا – وهذا أصل – رأى رجلا يصلي لا يقيم ركوعها ولا سجودها فسأله فقال: منذ متى وأنت تصلي هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين سنة، قال: منذ أربعين سنة ما صليت! ولو متّ لمتَّ على غير الفطرة.
يعني في مثل هذا الأمر إذا كان الرجل يصلي يؤدي الصلاة في مثل هذه الحال، لكنه ليس بقلب حاضر وإنما بشتات ولا يدري ماذا قرأ الإمام، أو يفرط مثلا في أداء صلاة الجماعة ويظن أنه قد جاء بها كاملا
فنقول: إن بقاء المرأة مع زوج لا يصلي بالكلية لا يجوز في مثل هذه الحال، أما إذا كان مقصرا فيرجع في ذلك إلى المصالح والمفاسد كل بيت بحسبه
|