• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
ما حكم إقامة مشروع خيري لكل من توفي؟
الجواب:

المقدم: من الأسئلة يا شيخنا الله يحفظك الخارجة عن موضوع كورونا، يقول السائل: انتشر في هذه الأيام ظاهرة وهي عند موت شخص يقوم أحد أقربائه أو أصدقائه بعمل مشروع خيري؛ كبناء مسجد أو بئر أو مركز إسلامي، ثم يطلب من الناس المساهمة بهذا المشروع لتكون صدقة له بعد وفاته، فيقول: هل هذا العمل جائز وهل هذا هو الأفضل؟ جواب الشيخ: نعم، هو بالنسبة لإهداء القُرب إلى الميت هذا موضع خلاف بين العلماء -رحمهم الله تعالى-، يعني هذه المسألة داخلة في هذه المسألة الكبيرة وهي إهداء القُرب؛ يعني ثواب العبادات إلى الأموات، هذه المسألة خلاصتها تنقسم لثلاثة أقسام: القسم الأول: الدعاء للأموات والاستغفار لهم، هذا مشروع بالاتفاق، هذا مشروع بالاتفاق، ويدل لذلك قول الله –عزَّ وجلّ-: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ" الحشر: 10، وأيضًا حديث مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ" قال: "أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" صحيح مسلم، فالدعاء هذا نقول بأنه مشروع بالاتفاق، فينبغي لنا أن ندعو لإخواننا الأموات، وأن نكثر من الدعاء والاستغفار لهم، فهم أحوج ما يكونون إلى هذا. القسم الثاني: الصدقات المالية، نعم الصدقات المالية، كأن يتصدق بدراهم أو يتصدق بمسجد يعمُره له أو يتصدق ببئر يحفره له، أو نحو ذلك، فإن هذا أيضًا جائز ومشروع عند عامة الفقهاء، يعني أكثر الفقهاء على أن هذا مشروع وأنه جائز، ويدل لذلك حديث سعد -رضى الله تعالى عنه-أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وأُرَاهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ فقالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-:"نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا" صحيح البخاري، قال: نعم، فأذن له النبي -صلى الله عليه وسلم-أن يتصدق عن أمه. القسم الثالث: العبادات البدنية، أو المركّبَة من المال والبدن، مثل كونه يصلي ويهدي ثواب الصلاة له، أو يقرأ القرآن ويهدي ثواب القراءة له، أو يصوم أو يعتكف ونحو ذلك، هذا موضع خلاف، وأوسع المذاهب في هذا هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، والصواب أن هذا من قبيل الجائز غير المشروع، يعني إنه يصل ثوابه بإذن الله-عزَّ وجلّ-، لكنَّ المشروع كما تقدم هو أن يكثر من الدعاء أو أن يتصدق بصدقات مالية له، لكن لو أنه فعل ذلك وأهدى ثواب صلاته أو ثواب صيامه، اعتكافه، إلى آخره، فهذا بإذن الله يُكتب الأجر للميت، لكن نلاحظ مسألتين أو نلاحظ أمرين: الأمر الأول: أنه لا يكثر من هذا. الأمر الثاني: أن يَتَنَبْه إلى أن هذا جائز وليس مشروعًا، وأن المشروع هو الدعاء كما تقدم، وكما ذكرنا أنَّ أكثر الفقهاء يقولون أيضًا الصدقات المالية، نعم. وعلى هذا مثل عمل هذا المشروع يعني هذا يبدو إنه داخل في الصدقات المالية، وأن هذا جائز، لكن لا يكون في هذا إحراج للناس وإثقال عليهم، نعم لا يكون في هذا، يعني يقال من أراد أن يتبرع؛ يتبرع، لا يُخصص أحد إلى آخره؛ لأنه قد يكون هناك إثقال على الناس، وإحراج لهم وقد لا يرضون، وإن كان يرضون في الظاهر لا يرضون في الباطن، والصدقة، والهبة، والهدية لابد أن تكون التبرع، لابد أن يكون الرضا في الظاهر وفى الباطن كما قال الله -عزَّ وجلّ-: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا" النساء: 4. المقدم: شيخنا -بارك الله فيك-هذه الأقسام التي تفضلت بها، هل هي نفس الأقسام بأداء العبادة عن الميت، أو أن المراد يفرق بين إهداء الثواب والعبادة نفسها عن الميت؟ جواب الشيخ: لا، هو المراد هنا إهداء الثواب، لكن أداء العبادة هذا يختلف، نعم أداء العبادة، يعني هناك عبادات تُقضى عن الميت، وهناك عبادات لا تُقضى عن الميت. فمثلًا: الحج إذا لم يَحُج، هل يُحج عنه أو لا يُحج عنه؟ هذا موضع خلاف، فقيل: بأنه يُحج عنه ما لم يترك ذلك عمدًا، وقيل: يُحج عنه إن أوصى، وقيل: يُحج عنه مطلقًا إلى آخره. مثلًا: الصلاة؛ لا يُصلى عنه، نعم، الصيام إذا مات إلى آخره وعليه صيام، على تفصيل عند العلماء، الولي مخير بين أن يَصوم وبين أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا إلى آخره لحديث عائشة وابن عباس "مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ " صحيح البخاري، فأداء العبادة عن الميت يختلف عن إهداء الثواب. مثلًا من أداء العبادة: إخراج الواجبات المالية مثل الزكاوات، مثل الكفارات، مثل النذور، إذا لم يقم بإخراجها فإنها تُخرج عنه، ففرقٌ بين المسألتين. المقدم: أيضًا شيخنا ما يسأل عنه كثير من الناس ما يتعلق بإهداء الثواب، يقول: لو أهديت ثواب صدقة أو ثواب صلاة إلى والدي المتوفى، فهل المهدي يناله من الأجر، أجر هذه العبادة، أو أن الأجر كاملًا يكون للمهدىَ إليه؟ جواب الشيخ: الأجر الكامل يكون للمهدىَ إليه، فمثلًا لو حج وأهدى ثواب الحج لوالده، نقول أجر الحج هذا يكون لوالده، لكن هو له أجر، هو له أجر، يعني أجر البر؛ أجر البر بوالده، أجر الذهاب إلى هذا الشعيرة، ومشاركة المسلمين ونحو ذلك فله أجر، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-للمرأة التي رفعت لها للنبي -صلى الله عليه وسلم-صبيًّا قالت: "ألِهَذا حجٌّ؟ قالَ: "نعَم، ولَكِ أجرٌ" صحيح مسلم، فالإنسان له أجر البر، أجر الصِلة، أجر فعل الخير والمعروف، لكن الأجر المرتب على هذه العبادة يكون انصرف للمهدىَ إليه. المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا.

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة الإثنين ٠١ مارس ٢٠٢١ م
حجم المادة 45 ميجا بايت
عدد الزيارات 443 زيارة
عدد مرات الحفظ 82 مرة
الأكثر تحميلا