• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
بالنسبة لموضوع الإسبال المحرم هل يكون فقط إذا كان للخيلاء؟ يعني هل يعتد بقول من قال بهذا القول؟
الجواب:

بالنسبة للإسبال قد جاءت الأدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كلا الأمرين بالنسبة للكبر وكذلك أيضا بالنسبة لغير الكبر
الأحاديث في هذا عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي في الصحيح وغيرها جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي قد رجّل جمته وأعجبته جمته يتبختر إذ خسف الله عز وجل به الأرض) وذلك أن التبختر وكذلك أيضا الإسبال مدعاة إلى ذلك ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة) فذكر الخيلاء هنا إشارة إلى أن الإسبال هو إذا كان لخيلاء فإنه يكون من المغلظات والوعيد في ذلك أشد
أما بالنسبة إذا كان لغير الخيلاء فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وهذا الإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين الحالتين مع اختلاف العقوبة في قوله: (لا ينظر الله إليه يوم القيامة) يعني إذا كان خيلاء، وبالنسبة (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) إشارة إلى اختلاف العقوبة باختلاف موجبها
وموجبها بالنسبة للنوع الأول وهو الخيلاء والثاني إذا كان بإسبال ولو لم يكن لخيلاء، وقد يعلل بعضهم ذلك بقوله مثلا: إن الإسبال إذا لم يكن لخيلاء وكان في فعل عادي هكذا يقول: فإنه لا ضرر في ذلك ويستدل بعضهم ربما بما جاء في حديث أبي بكر لما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أرسل إزاري إلا أن أتداركه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنك لست ممن يجره خيلاء) نقول: هذا في حال التدارك، كذلك فإن هذا موكول إلى علم النبي عليه الصلاة والسلام (لست ممن يجره خيلاء) فمن هو كحال أبي بكر يعلم حاله في هذا
ولهذا نقول: إن الأمر إنما يحرم إذا كان سببا لغيره، فإذا كان سببا لغيره لا تعلم ربما يجرك إلى الكبر، ليس هذا الشهر أو السنة أو السنتين أو نحو ذلك
ولهذا نهى الشارع عن لبس الحرير وقيد بالكبر، ربما يجر الإنسان إلى شيء من الكبر ربما يختلط بفقراء أو يراه بعض الناس أو نحو ذلك، لهذا جاء هذا الأمر بهذا النهي
لهذا نقول: إنه إذا كان لخيلاء فإنه محرم من وجهين: لوجود الخيلاء والكبر
والحالة الثانية: لوجود الإسبال بذاته فهو محرم على الأمرين
العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة على قولين:
منهم من قيده بالكبر وجعل التحريم في هذا وهذا قول لجماعة من الفقهاء ونسب إلى جمهور الفقهاء من المتأخرين، وذهب إلى هذا قول بعض السلف الصالح في هذه المسألة وأظنه قول عمر بن عبد العزيز
ومنهم من يقول: بأن هذا التحريم على سبيل الإطلاق وهذا هو الظاهر في فعل عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى وعبد الله بن عمر وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما كذلك أيضا بالنسبة للإسبال: الإسبال إذا كان مثلا لحاجة كأن يكون الإنسان على سبيل المثال فيه مرض مثلا في قدميه فلا يحب أن يظهر مثلا في فخذيه كبعض الأمراض والعاهات الجلدية فيخشى أن يشمئز الناس منه فيريد أن يستره، نقول: هذا لا بأس به، باعتبار أنه قد جاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله أنه كان يجعل إزاره دون الكعبين فيقال له في ذلك، قال: إني أحمش الساقين، وهذا أيضا جاء عن أيوب بن أبي تميم السختياني كما رواه عنه حماد بن زيد، وهذا أيضا يروى عن عمر بن عبد العزيز عليه رضوان الله
هذه الشريعة إنما شرعت في هذا الأمر لماذا؟ لجملة من الحكم، من هذه الحكم في مسألة الإسبال:
أولا: دفع الكبر الذي ربما يدفع الإنسان لمثل هذا الأمر
كذلك أيضا صيانة للإنسان من جهة نظافته فإن الإنسان إذا جر ثوبه فربما يتعلق به شيء من الأرض فالإنسان مأمور بالصيانة
منها كذلك أيضا أن الإنسان ينبغي أن يبتعد عن جوانب التنعم وحال النساء فإن النساء هن اللاتي يجررن ثيابهن، ولهذا كانوا في الجاهلية وهم في الجاهلية يمدحون الرجل الذي يرفع إزاره عن الكعبين بل ربما إلى نصف الساقين، وهذا جاء في جملة من أشعار الجاهليين، ولهذا يقول الشاعر الجاهلي:
كميش الإزار ظاهر نصف ساقه ** صبور على الضراء طلاع أنجد
ويقول الشاعر الآخر أيضا:
وكنت إذا داع دعا لملمة ** شمرت حتى ينصب الساق مئزري
فهم أيضا يرون ويمدحون ذلك الفعل باعتبار أن الإنسان صاحب همة وصاحب عمل بالنسبة للذي أسبل إزاره ومن كان في داره ولا يمشي في الطرقات ولا يذهب إلى أحد كحال النساء، كما جاء عن أم سلمة عليها رضوان الله تعالى
لهذا نقول: إن هذه السنة جاءت لتهذيب النفس وتوطينها وكذلك أيضا إبعادا لما يطرأ في النفس من الكبر، ويكفي في هذا لو علم أن الإنسان يقول: أني لا يوجد لدي مثلا شيء من الكبر وأن نفسي فيها تواضع وأكسرها، نقول: يكفي في هذا أنه اقتداء بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليرفع الإنسان إزاره
ونقول: إن التحريم يكون بتغطية الكعب كاملا، وأدنى في ذلك السنة هو أن يظهر نصف الكعب فلا يغطى فيبقى نصفه ثم بعد ذلك في هذا على خلاف عند العلماء: هل الأمر في هذا يستوي أم ثمت تفضيل في هذا؟
جاء في حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إزرة المؤمن إلى نصف ساقه ولا بأس فيما بينه وبين الكعبين) يعني على النصف، لهذا نقول: المسألة خلافية وإن كان ثمة أفضلية على سبيل التدرج، ولكن نقول: يكفي الإنسان في هذا ألا يغطي كعبه امتثالا لحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك لسنته وتوجيهه
ولو علقنا الأمور بالقلوب بقلب الإنسان لمجرد أن يقول: أنا لا يوجد لدي كبر أنا لا يوجد لدي غطرسة على الناس أنا رجل متواضع ولا حرج من أن أسبل، نقول: على هذا إن كثيرا من العلل التي يعلل فيها الفقهاء مسألة الكبر من جهة تحلي الرجل بالذهب، كذلك لبسه للحرير وغير هذا، على هذا يسوغ له أن يخترق جملة من المحرمات إن كانت لمثل هذه العلة
فنقول: الامتثال في هذا أمر واجب وما عدا ذلك فإنه موكول إلى الجوانب التعبدية، والإنسان يمتثل ظاهرا ولو علم نفسه على خلاف ذلك باطنا

تاريخ إصدار الفتوى غير معلوم
مكان إصدار الفتوى بدون قناه
تاريخ الإضافة الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠٢٠ م
حجم المادة 12 ميجا بايت
عدد الزيارات 1159 زيارة
عدد مرات الحفظ 93 مرة
الأكثر تحميلا